12 سبتمبر 2025
تسجيليرزح مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت حصار خانق يبدو أنه لم يعد يثير اهتمام أحد من العرب والعجم، رغم ما يشكله من انتهاك لحقوق الإنسان في الحياة وحرية الحركة.المخزي في هذا الحصار الذي يستمر للسنة العاشرة على التوالي، هو هذا الصمت العربي المريب، ومشاركة النظام الانقلابي المصري وسلطة محمود عباس ميرزا باستمراره، فالاحتلال الإسرائيلي الصهيوني اليهودي الاستعماري يفرض حصارا بريا وبحريا وجويا على القطاع، ونظام عبد الفتاح السيسي يفرض حصارا بريا ويمنع تواصل القطاع مع العالم الخارجي عن طريق معبر رفح، وسلطة عباس ترفض رفع الحصار قبل إزاحة حماس من هناك كما أعلن وزير الخارجية الصهيوني السابق أفيجيدور ليبرمان، ما يجعل من الحصار مجموعة من الحلقات المحكمة التي تقتل الفلسطينيين في قطاع غزة ببطء.هناك حلقة رابعة من حلقات قتل الغزاويين وهي حلقة الصمت العربي غير المعقول، باستثناء قطر التي تطالب برفع الحصار في كل المحافل الدولية والإقليمية والعربية، فإن الأنظمة العربية الأخرى يبدو أنها سعيدة بهذا الحصار، بل يتمنى بعضها أن يستمر حتى تعلن حماس استسلامها بالكامل، حتى لو أدى ذلك إلى موت مليوني فلسطيني هناك.حصار غزة اعتداء على الإنسانية جمعاء، واعتداء على الأخلاق والقيم والمبادئ والشرائع والقوانين الدولية وحقوق الإنسان، فالحصار جريمة حرب كاملة وهي جريمة إبادة وجريمة ضد الإنسانية، ومع ذلك يتعامل العرب مع الحصار على أنه حقيقة قائمة لا مجال لتغييرها، وأن هذا الحصار جزء من حياة الشعب الفلسطيني الغزاوي.المسالة ليست إبادة جماعية فقط بل إبادة فردية، فالمريض الذي لا يستطيع أن يسافر إلى الخارج لتلقي العلاج يتعرض للقتل، والطالب الذي يفشل بالالتحاق بجامعته في الخارج يعترض للقتل، والأستاذ الذي يمنعه الحصار من السفر للمشاركة في مؤتمر أو ندوة أو محاضرة يتعرض للقتل، والأم التي لا تستطيع أن تستقبل أولادها بسبب الحصار تتعرض للقتل، والدكتور الذي لا يستطيع السفر للمشاركة في مؤتمر طبي يتعرض للقتل، والصحفي الذي لا يستطيع السفر للمشاركة في مهرجان لتسلم جائزته الذي فاز بها يتعرض للقتل، والمرأة التي لا تستطيع الالتحاق بزوجها تتعرض للقتل، والرجل الذي لا يستطيع العودة لرؤية أطفاله في غزة يتعرض للقتل.كل فرد في غزة يتعرض للقتل مهما كان عمله أو وضعه، قتل جسدي وروحي ومعرفي وثقافي، فالفلسطينيون في غزة معزولون عن العالم من الناحية العملية، وهذا وضع شاذ وغير طبعي وغير منطقي وغير معقول، ولكن الجنون بعينه هو أن يقبل الحكام العرب والشعوب العربية وما يسمى بالمجتمع الدولي استمرار هذا الحصار بهذه الطريقة الفجة الهمجية البربرية، فنحن لا نكاد نسمع حسًا لأحد من أجل فك الحصار، ولا يوجد أي تحركات عملية من أجل رفع الحصار، باستثناء بعض الناشطين هنا وهناك. وبعض المحاولات البحرية لكسر الحصار.ربما كان الاستثناء الكبير هو محاولة سفينة "مافي مرمرة" التركية كسر الحصار، فما كان من العدو اليهودي الإسرائيلي الصهيوني البربري إلا أن ارتكب مجزرة ذهب ضحيتها 9 أتراك.لا يمكن أن يستمر هذا الحصار إلى الأبد، ولا شك أن عوامل الانفجار تتراكم في القطاع من أجل فك الحصار ولو بحرب جديدة، مع إمكانية اندلاع انتفاضة شاملة في الضفة الغربية رغم التنسيق الأمني والدور الذي تقوم به أجهزة أمن محمود عباس ميرزا، كما أن إعلان حماس وجود أربعة أسرى لديها يزيد من احتمالات حرب جديدة يبدو أن المقاومة الفلسطينية مصممة هذا المرة لنقلها إلى العمق الإسرائيلي، وتحويل الضفة الغربية إلى ساحة حرب وعدم الاكتفاء بغزة فقط، فكتائب القسام أعادت بناء ترسانتها العسكرية، وعوضت الصواريخ التي استخدمتها في الحرب الأخيرة، وتوعدت بمفاجأة جديدة غير متوقعة.