12 سبتمبر 2025

تسجيل

التي هي أحسن

10 أبريل 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); فرض عليَّ بعض الأصدقاء فرضا، عبر ما أرسلوه من مقاطع فيديو، أن أتابع بعض ما أسموه "مناظرة" بين طرف ينكر الإسلام وينكر عليه، وطرف تكلف ما لا يلزم ولا يجدي تكلفة. إذ كان عليه، وقد سمع من المنكر ما سمع، أن يسأله ـ ببساطة ووضوح ـ أو لا تؤمن بالإسلام؟ فإن قال "لا" مراوغا ومنافقا، بيّن له مقتضى كلامه، إذ ليس مؤمنا بالله، ولا بالقرآن، من ينسب لذات الله العلية الوهم، فهو سبحانه "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ". وليس مؤمنا بالرسول، ولا بالقرآن ولا بالسنة، من ينسب إليه الخلل، فهو صلى الله عليه وسلم كما وصفه تعالى في سورة النجم "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى". وهكذا يَردُّ عليه دعاواه واحدة واحدة، حتى يفضح كذبه. وإن أقر ذلك المدعي بأنه ليس مسلما، وهو إقرار صحيح، كان على الطرف الآخر أن يعرض عليه الإسلام ابتداء، منطلقا من أركانه وأسسه، وله هنا أن يجادله فيما شاء أن يرد به على هذه الأركان والأسس، لا أن يبدأ الجدال من فروع وتفاصيل، يعتمد إثباتها على إثبات الإيمان نفسه.ولا يُرَدُ على هذا بأن الأنبياء عامة جادلوا الكفار، ولا بأن النبي صلى الله عليه وسلم جادل المشركين، كما جادل أهل الكتاب، من يهود المدينة ونصارى نجران، جدالا منضبطا بالأمر الإلهي "وجادلهم بالتي هي أحسن"، إذ الصحيح أن الجدال من المنطلق الذي وضحناه هو ـ بالضبط ـ الجدال بالتي هي أحسن كما أمرت به الآية الكريمة، التي تفرق بين من ضل ومن اهتدى "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجادل غير المسلمين إلا باعتبارهم غير مسلمين، ولم يبدأ جداله معهم من تفاصيل كتشريعات الأحوال الشخصية مثلا.وانظر ـ مثلا ـ إلى الآيات الأولى من سورة "الكهف" والتي جاءت في الرد على أسئلة تتعلق بمسائل فرعية لقنها اليهود للمشركين كي يثيروها، وستجدها آيات تثبت أصول العقيدة أولا، ولا تبادر إلى الرد على الشبهات الفرعية "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا. وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا".. وانظر أيضا إلى جدال إبراهيم وموسى عليهما السلام للنمرود وفرعون، وكان على القاعدة نفسها.هكذا إذا تورد الإبل، أما الجدال من دون تحديد المنطلقات العقائدية، ففيه تدليس على الناس، وتوسيع للشبهات.