13 سبتمبر 2025
تسجيلمن المعروف أن العلاقات الاقتصادية بين بلدان الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي تشكل أولوية للمجموعتين، وذلك بحكم العلاقات التاريخية وحجم المصالح المتبادلة والتي يسعى الطرفان إلى تطويرها في شتى المجالات. ولا يخفى مدى تأثر هذه العلاقات وتراجعها النسبي خلال العقدين الماضيين، نتيجة لجملة من العوامل التي يتحمل الجانب الأوروبي المسؤولية الأولى عنها لاتباعه إجراءات تمييزية في علاقاته من دول مجلس التعاون، وذلك رغم حسن النوايا التي تبديها دول المجلس وحرصها على تنمية العلاقات الاقتصادية بين الطرفين. لقد أدى ذلك إلى إزاحة بلدان الاتحاد الأوروبي من قمة أولويات التبادل التجاري بينها وبين دول المجلس لصالح بلدان أخرى سنأتي على تفاصيلها لاحقا، وإذا ما أخذنا جانبين فقط من هذه التغيرات التي فقدت من خلالها البلدان الأوروبية الكثير من المصالح، فإننا سنجد أن قطاعي التجارة الخارجية والسياحة في دول المجلس انتقل مركز الثقل فيهما من أوروبا إلى شرق آسيا، مع كل ما يعني ذلك من تأثيرات على العلاقات بين المجموعتين الأوروبية والخليجية. وفي المجال التجاري، فإن العراقيل التي وضعها لاتحاد الأوروبي أزاحته تدريجيا من المركز الأول في تجارة دول المجلس لصالح الصين والهند، حيث ارتفع التبادل التجاري بين دول المجلس والصين بنسبة كبيرة بلغت 16% في عام 2012، مقارنة بعام 2011 لتصل إلى 155 مليار دولار في العام الماضي، تشكل %50 من إجمالي قيمة التجارة الخارجية لدول المجلس، مقابل %20 فقط للدول الأوروبية. وفي هذا الصدد يفرض الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية تمييزية ضد المنتجات الخليجية من البتروكيماويات والألمنيوم، في الوقت الذي تعامل منتجاته في دول المجلس بالتساوي مع منتجات بقية بلدان العالم، وذلك رغم العقبات التي يضعها الاتحاد الأوروبي والتي تحول دون توقيع اتفاقية التجارة الحرة لمدة 25 عاما تقريبا بين الجانبين. أما في المجال السياحي وانتقال مواطني المجموعتين الخليجية والأوروبية، بمن فيهم رجال الأعمال والمستثمرين، فإن هناك تمييزا آخر أدى بدوره إلى انتقال ثقل السياحة الخليجية من أوروبا إلى شرق آسيا التي تسمح لمواطني دول المجلس بزيارتها دون تأشيرة مسبقة، حيث اكتشف الخليجيون مع مرور الوقت تمتع بلدان شرق آسيا بمواصفات سياحية عالمية، وذلك إضافة إلى الانخفاض الكبير لتكاليف السفر إذا ما قورن بالتكاليف في البلدان الأوروبية، وبالأخص بعد ارتفاع قيمة سعر صرف "اليورو" والجنية الإسترليني. لقد كان الخليجيون (ما عدا السعوديين) يزورون بريطانيا دون تأشيرة مسبقة لسنوات طويلة امتدت حتى أواخر الثمانينيات، في الوقت الذي لا يستغرق الحصول على تأشيرات لبقية البلدان الأوروبية ساعات قليلة إلى أن تعقدت الأمور الإجرائية من الجانب الأوروبي في هذا المجال، كما هو الحال في التجارة، إذ أصبح الحصول على تأشيرة أوروبية عمل مضن لا يستحق كل هذه المعاناة، وذلك إلى جانب نظرات الشك والتوجس التي لا معنى لها، هذا ناهيك عن استغلال مستويات المعيشة المرتفعة في دول المجلس ليبلغ قيمة التأشيرة البريطانية لمدة خمس سنوات أكثر من ألف دولار، في مقابل دخول الأوروبيين دول المجلس ما عدا السعودية دون تأشيرات مسبقة. لذلك تملك دولة الإمارات كل الحق في سعيها لإعفاء مواطني الدولة من تأشيرات "الشنغن" الأوروبية ومن التأشيرة المسبقة لبريطانيا والتي يتوقع أن تمتد لتشمل بقية دول المجلس التي تسمح بحرية الدخول لمواطني بلدان الاتحاد الأوروبي دون تأشيرة، حيث يمكن لبلدان الاتحاد أن تطمئن، إذ لا يوجد من بين الخليجيين من يسعى إلى الهجرة إلى أوروبا.