19 سبتمبر 2025
تسجيلتكاثرت المبادرات التي يتم طرحها على الساحة السياسية المصرية في محاولة لحل الأزمة المستعصية التي دخلت شهرها الثامن منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في يوليو من العام الماضي.والملاحظ أن هذه المبادرات تأتي من طرف النظام الانقلابي وليس من طرف تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب، حيث جاءت المبادرة الأولى من رئيس تحرير صحيفة "المصريون" التي كانت قبل الانقلاب بأشهر تتحدث بلسان التيار الإسلامي ولكنها انقلبت وأصبحت تابعة للأجهزة الأمنية. أما المبادرة الثانية فجاءت من أحد السياسيين المؤيدين للانقلاب وهو الدكتور حسن نافعة.وفي المبادرتين هناك سعي من طرف الانقلاب للإيحاء بأن من يطلب الصلح هو تحالف دعم الشرعية، وذلك بالنظر إلى أبرز ما ورد في المبادرتين اللتين تتغافلان عن عودة الشرعية وحق آلاف الشهداء والجرحى وعشرات آلاف المعتقلين والتي تعتبر من المطالب الأساسية للتحالف. حيث تركز المبادرتان على كيفية إيجاد مخرج لأزمة الانقلابيين بعد مرور أكثر من سبعة أشهر واستمرار صمود الثوار في الشوارع، والذي أدى إلى استمرار أزمة الشرعية التي يعاني منها النظام. فرغم محاولته الحثيثة للحصول على هذه الشرعية سواء عبر الدعوة الدائمة لتفويض قائد الانقلاب، مرة لمواجهة ما يسميه الإرهاب المحتمل ومرة أخرى لترشيحه لرئاسة الجمهورية، ورغم تمريره للدستور الانقلابي، إلا أن الأزمة استمرت، ليس فقط على المستوى الداخلي، بل أيضا على المستوى الخارجي، حيث لم يحصل الانقلابيون سوى على اعتراف الدول التي شاركت في التخطيط والتنفيذ للانقلاب، وهي أمريكا وأوروبا وإسرائيل وبعض دول الخليج.لذلك يمكن التأكيد على أن هذه المبادرات لن يكون لها دور في حل الأزمة في مصر، والتي تحولت إلى مباراة صفرية يكسب فيها طرف كل شيء ويخسر الطرف الآخر كل شيء بعد سقوط كل هؤلاء الضحايا.فمؤيدو الشرعية لم يعد لديهم شيء يخسرونه بعد كل ما قدموه من شهداء وجرحى ومعتقلين، وقد وطّنوا أنفسهم على أنه ليس لديهم خيار آخر سوى مواجهة الانقلاب حتى إسقاطه، خاصة بعد أن ارتبط لديهم بصراع ديني يقوده قادة الانقلاب من خلال شن حرب شعواء على الهوية الإسلامية لصالح الهوية المسيحية في ظل مشاركة كثيفة من الكنيسة في تحديد مستقبل مصر في ظل هذا الانقلاب.ومن هنا يمكن القول إن كل هذه المبادرات مصيرها الفشل، بل والرفض المبدئي من جانب الثوار وتحالف دعم الشرعية وهو ما حدث بالفعل، حيث أعلن التحالف أن أي مبادرة لا تتضمن مطالب الثوار لا تعنيه من قريب أو بعيد. وكانت أبرز المطالب التي عبر عنها التحالف في بيانات مختلفة هي:- عودة الشرعية ممثلة في رئيس الجمهورية والبرلمان المنتخب والدستور المستفتى عليه.- القصاص من كل القتلة، سواء في الجيش أو الشرطة أو القوى السياسية التي شاركت في قتل الثوار.- التطهير الجذري للمؤسسة العسكرية.- إلغاء جهاز الشرطة وإنشاء آخر جديد يضم من لم تلوث أيديهم من ضباط الجهاز القديم إضافة إلى ضم شباب الخريجين وفق أسس سليمة.- التطهير الجذري للقضاء من خلال محاكمة كل القضاة ووكلاء النيابة الذين شاركوا في محاولة تثبيت أركان الحكم الانقلابي عبر أحكام ظالمة ضد الثوار، فضلا عن تحويل كل القضاة الذين تلوثت أيديهم بالفساد إلى الصلاحية.- التطهير الجذري للإعلام من خلال إلغاء القانون المنظم للإعلام الخاص، ووقف العمل بالإعلام الحكومي لحين تطهيره.- حظر كافة الأحزاب القوى السياسية التي ساعدت على الانقلاب أو شاركت في قتل الثوار.واختصارا فإن الأزمة في مصر ستنتهي حينما يسقط الانقلاب وكافة مؤسسات الدولة العميقة بأيدي الثوار وليس بأيدي مبادرات سياسية طبيعتها الوصول إلى حلول تمنع تحقيق هذه الأهداف.