12 سبتمبر 2025
تسجيلهذه مقولة "فرعون" عندما آمن الناس بربهم وصدّقوا بما جاء به موسى عليه السلام.. وخضعوا وأذعنوا لعقولهم وقلوبهم ولبصائرهم وأبصارهم ولسمعهم وآذانهم عندما رأوا الآيات فصدّقوا وآمنوا وتابوا وتبرّأوا من عظيم كفرهم وشركهم وكل شرورهم وآثامهم القديمة.. فما كان منه إلا أن قال: (آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين * قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين). وكفروا بفرعون الطاغية الذي زعم أنه إله لهم من دون الله عز وجل عندما طغى وتكبر وتجبر ولم يتعظ وينزجر.. فاستحق نهاية مأساوية في الدنيا.. واستحق غضب الله ولعنته في الآخرة.. خالداً مخلداً في النار وبئس المصير. لقد طغى وتكبر فرعون مصر الجديد (الرئيس حسني مبارك) فلم يستوعب أنه قد جاء الحق وزهق الباطل وحانت لحظة تنازله عن حكم مصر طوال الثلاثين سنة العجاف التي جرّعت مصر الفقر والخضوع لتعهدات وتنازلات مع أعداء الأمة العربية والإسلامية فضلاً عن تلك القرابين التي قدمها لحماية أمن إسرائيل هو وأعوانه ممن تآمروا على إخواننا في غزة وفي فلسطين عموماً، حيث لم يفهم هذا الفرعون مطالب الشعب المصري الذي قام ضده ثائراً غاضباً يطالب بحريته وأمنه وأمانه.. بل وبلقمة عيشه التي سرقها هو وأعوانه من فم الشعب المطحون في حين أنه ينعم بأرصدة جاوزت الأربعين أو السبعين مليار دولار ناهيك عن رجالاته في الحزب الحاكم أو غيرهم من التجار ورجال الأعمال الذين نهبوا حق الشعب وسرقوا من المال العام حتى جاز لهم أن " يسبحوا " في بحر من الجنيهات وأن " يغطسوا " في بحور من الدولارات. عندما شاهد الرئيس المصري أن الشعب قد انقلب عليه وكفر به وبحكمه كما انقلب شعب مصر من قبل في وجه فرعون وكفر به رغم مقولته (ما عهدت لكم من إله غيري) ما كان منه إلا أن ازداد طغياناً وتجبراً وعتواً في الأرض، فأمر هامان " وزيره " بمقولته (وقال فرعون ياهامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب) لقد أمر الرئيس المصري نائبه " عمر سليمان " بأن يخمد نار الفتنة وأن يعينه في صد هذه الثورة الشعبية التي لم يأمر لهم بالقيام بها ولم يأذن لهم فيها، فكان من نائبه أن أعانه وأطاعه فطغى وتكبر هو الآخر، ويبدو أنه أشار إلى الرئيس بأن يقطّع أرجلهم وأيديهم من خلاف.. بل ويصلبنهم في جذوع النخل.. زيادة في التنكيل بمن تجرأ أن يرفع صوته في حضرة " الفرعون ". ولا نستغرب كثيراً تلك الأفعال القذرة التي قامت بها الحكومة المصرية لإخماد ثورة الشعب المصري الحر، خاصة عندما نجد المعونة والسند من الجانب الإسرائيلي الذي يقف قلقاً متوتراً متربصاً، فليس غريباً أن تهبط طائرات إسرائيلية في مطار القاهرة تحمل أسلحة وقنابل لإخماد هذه الثورة، وليس غريباً تلك المحاولات القذرة لبث الفرقة في صفوف المتظاهرين بزرع العملاء والخونة بين ظهرانيهم، فهذه هي " حركات اليهود " ومن شاكلهم وعاشرهم، خاصة أن نائب الرئيس عمر سليمان له تاريخ مجيد ومشرف في خدمة وحماية إسرائيل والدفاع عنها ضد كل من يمس " شعرة " فيها، يشاركه في ذلك العمل الدنيء بعض الخونة من السلطة الفلسطينية ومن شاكلهم من العرب الذين باعوا قضية فلسطين بثمن بخس، وفازوا بحفنة ملايين من الدولارات، باعوا آخرتهم من أجل دنيا زائلة، في حين أنهم يمثّلون أمام وسائل الإعلام بأنهم يتفاوضون من أجل القضية الفلسطينية ومن أجل تحقيق مكاسب للعرب وللمسلمين، بينما هم في واقع الأمر يحققون مكاسب مادية لهم ولمن يمثلونهم أمام الكيان الصهيوني، باعوا كرامتهم وعروبتهم ودينهم.. فلا عهد لهم بعد ذلك. ليس غريباً أن نشهد جرائم قتل ونهب وسرقة تسبب بها رجالات فرعون ووزيره هامان من أجل أن يشوّه سمعة الأحرار الشرفاء من الشعب المصري الثائر، فهذا هو ديدن الذين يكذبون على الله، فليس غريباً منهم أو جديداً عليهم أن يكذبوا على الناس وأن يستمروا في أكاذيبهم حتى إذا لم يجدوا تهمة أو عيباً في تاريخ خصومهم.. ارتكبوا الجرائم وألصقوها فيهم، كما قد شاهدنا وسمعنا من أعمال تخريبية وجرائم إنسانية يتسببون فيها بغية إلصاقها بالثورة والثوّار الأحرار.. وأعجب كثيراً من أولئك الذين يصدّقون أكاذيب النظام المصري حول المتظاهرين وتشويهه لسمعة هؤلاء الشباب الذين تنفسوا أخيراً هواء الحرية والكرامة.. ليس خفياً عنّا جميعاً أن الأوضاع في مصر الحبيبة تؤول إلى التصعيد والمزيد من الخسائر في الأرواح والأموال، ولكنها الثورة.. لابد أن تخط طريقها دون أن يوقفها أحد، فإما النصر أو الشهادة كما أطلقها مئات الآلاف من الشباب المصري، فلا كرامة لشعب يعيش تحت خط الفقر بينما يتربع الفرعون على عرش مصر ويحظى بأموال البلاد والعباد، ولا كرامة لشعب يعيش بجوار إخوانه في فلسطين ولكنه لا يعرف كي يساندهم ويقف في صفهم تجاه عدو الأمة العربية والإسلامية، ولا كرامة لشعب يرضخ لمن شوّه بنظامه وأجهزة إعلامه صورة الإسلام والمسلمين عبر عقود من الزمن يحارب التدين والدعوة إلى الله بينما يحمي الفساد الأخلاقي ويدعو إليه بل ويحمي أهله من السياح الأجانب والصهاينة الذين لوّثوا تراب مصر وارتكبوا الموبقات فوق أرضها. إننا ندعو الله أن ينصر إخواننا في مصر على حكم هذا الفرعون المستبد ومن يقف وراءه من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومن أعوانه من العرب، الذين يشتركون في مصلحتهم ومنفعتهم من بقاء هذا الفرعون على عرش مصر لكي يوفّر المزيد من الأمن والأمان لإسرائيل، ولا نعجب من الموقف الأمريكي الذي يخاف من استلام الحكم في مصر لمن هم يأتون بعد حسني مبارك ويخرقون كل معاهدات السلام مع إسرائيل، فلا يصدق أحد ما تدّعيه أمريكا بوقوفها وراء مطالب الشعب المصري، إنما هو حق أريد به باطل، إنما تقصد أنها وراء كل مطالب تحقق أمن إسرائيل في المقام الأول.. وإلا فما سبب تحرك الأساطيل البحرية ووقوفها على أهبة الاستعداد أمام سواحل البحر الأحمر؟. ولكنهم يمكرون ويمكر الله.. والله خير الماكرين.. فاللهم انصرهم على فرعون وهامان وعلى إسرائيل وأمريكا.. آمين.