05 أكتوبر 2025

تسجيل

الـتـربـيـة... حـركـة سـلـحـفـاة

10 يناير 2021

طموحات القيادة في أي بلد تتحدد وفق الإمكانيات المستقبلية ومتغيرات الرأي العام المحلي، وكذلك الضغوطات الخارجية في عالم متحرك وغير مستقر، أغلب متخذي القرار التربوي يعيشون مرحلة لا يحسدون عليها؛ فمطالبات الآباء ومعاناة المعلمين وظروف كورونا المستمرة ورؤية البلد هي جميعها مكونات الخليط الذي يجب أن يمزجها صانع القرار التربوي كي يشربها بكأس الأمانة والمسؤولية. إن التحول في النظام التعليمي يحتاج إلى جهود مؤسسية جبارة من شأنها أن تستهلك إمكانيات مادية ضخمة وتستغرق فترات زمنية طويلة. أغلب الجهود يمكن أن ترى نتائجها سريعة إلا الجهود التعليمية. فاستخراج البترول وتكريره وبيعه واستهلاكه لا يتعدى في أصعب مراحله شهرا كاملا، وكذلك استحداث نشاط تجاري يكلف مجهودا بشريا بسيطا وتخصيصا ماليا يكافئ طبيعة هذا النوع التجاري المعين، ويتحدد في مجمله بوقت لا يزيد على ستة أشهر. وايضا الباحث والعالم الذي يقضي جهدا تجريبيا في مختبره كي يخرج للبشرية بنتائج علمية فإنه قد يحتاج مدة زمنية لا تزيد على بضع سنوات. وغيرها من الأمثلة التي لا يمكن مقارنتها بجهود القطاع التعليمي الذي يعتبر العمود الفقري للتنمية البشرية في البلد، تلك الجهود التي لو كان لها أن تتغير أو تتحرك فإنها ستكون كالسلحفاة. من المقبول على نطاق واسع أن يكون التعليم مصدرا أساسيًا للرزق، سواء بالنسبة للأفراد أو المجتمعات. في الواقع، في معظم البلدان، يُنظر إلى التعليم الأساسي في الوقت الحاضر ليس فقط على أنه حق، ولكن أيضًا كواجب. ويُتوقع من الحكومات عادةً ضمان الوصول إلى التعليم الأساسي لجميع الأفراد بمن فيهم الفئات الخاصة وذوو الإعاقات، بينما غالبًا ما يُطلب من المواطنين بموجب اللوائح والقوانين تحقيق تعليم عال للحصول على وظيفة ما أو للالتحاق بمهنة معينة. يتفق الجميع أن التغييرات في نواتج ومخرجات التعليم في جميع أنحاء العالم هي طويلة المدى، مع التركيز على مقاييس التحصيل التعليمي الكمية والنوعية ؛ التي تعطي الأدلة حول محددات وعواقب التعليم. ومن منظور تاريخي، شهد العالم توسعا كبيرًا في التعليم على مدى القرنين الماضيين. يمكن ملاحظة ذلك عبر جميع المقاييس الكمية. ارتفعت معدلات معرفة القراءة والكتابة العالمية على مدار القرنين الماضيين، وذلك بشكل رئيسي من خلال زيادة معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي. كما شهد التعليم الثانوي والعالي نمواً هائلاً، حيث أصبح المتوسط العالمي لسنوات الدراسة أعلى بكثير مما كان عليه قبل مائة عام. على الرغم من كل هذه التغيرات الايجابية في جميع أنحاء العالم، إلا أن بعض البلدان كانت متخلفة عن الركب، وخاصة في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، حيث لا تزال هناك دول لديها معدلات معرفة القراءة والكتابة أقل من 50 ٪ بين الشباب. إن التعليم يميل إلى حد كبير إلى التمويل من الموارد العامة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من ملاحظة قدر كبير من عدم التجانس بين البلدان. وبما أن الاختلافات في الإنفاق الوطني على التعليم لا تفسر بشكل جيد الاختلافات بين البلدان في نتائج التعليم، فإن البيانات تشير إلى أن السياسات العامة التي تزيد الإنفاق على المدخلات القياسية، مثل عدد المعلمين، من غير المرجح أن تكون فعالة لتحسين نتائج التعليم في ظل المنظومة المرتقبة للتعليم عن بُعد والتعليم الإلكتروني. آخر الكلام: إن التعليم الأفضل ينتج دخلاً فرديًا أعلى، ويساهم في بناء رأس المال الاجتماعي والنمو الاقتصادي طويل الأجل تماما كحركة سلحفاة عمرها يناهز المائة عام. همسة: من حفظ لسانه احتفظ بالناس من حوله. دمتم بود [email protected]