13 سبتمبر 2025
تسجيلفجأة وبدون مقدمات وجد الإخوان المسلمون أنفسهم في مواجهة العاصفة، أو فلنقل في قلب العاصفة، فقد اندلعت ثورة شعبية في تونس عقب إقدام الشاب محمد البوعزيزي على إحراق نفسه بعد أن أقدمت الشرطية فادية حمدي بصفعه في 17 ديسمبر 2010، وهي الصفعة التي دفعت البوعزيزي إلى صب البنزين على جسده وإشعال النار فيه، مما أشعل الثورة وفجر الغضب في كل أنحاء تونس، ولم يستغرق الأمر أكثر من 28 يوما حتى يركب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الطائرة ويولي هاربا، هائما على وجهه، بعد أن رفضت فرنسا استقباله، وأمهلته إيطاليا ساعة حتى يغادر جزيرة سردينيا التي هبطت فيها طائرته للتزود بالوقود بعد أن عاد أدراجه قبل الدخول في الأجواء الفرنسية، ليولي وجهه نحو السعودية التي اختارها منفى له. لم يستغرق الأمر أكثر من أسبوعين حتى تصل الثورة التونسية إلى مصر، فقد اندلع الغضب المصري في 25 يناير 2011، وتفجرت المظاهرات المطالبة برحيل النظام، وهي المظاهرات التي فاجأت جماعة الإخوان المسلمين وكل القوى السياسية التقليدية التي ثبت أنها عاجزة عن تحريك الشارع، بل وعاجزة عن مجاراته في غضبه، فلم تكن هناك القوى السياسية والحزبية المصرية أكثر من "ديكور سياسي لزوم الشغل الديمقراطي". لقد وصل الشعب المصري إلى "النقطة الحرجة" لتفعيل الغضب الكامن، ولم يكن ينقصه إلا الشرارة التي وفرتها الثورة في تونس، بعد أن عجز الإخوان المسلمون ومعهم كل القوى السياسية عن توفير الشرارة اللازمة لاندلاع ثورة شعبية، وكان شعار المتظاهرين الغاضبين "عيش.. حرية.. كرامة اجتماعية"، بعد أن طحنهم الجوع والفقر والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية وانتشار الفساد والرشوة والإهانة، وانقسام البلد إلى أقلية تحكم وتملك السلطة والثورة وأغلبية مسحوقة لا تلوي على شيء، وقد ساهمت هذه الأوضاع مجتمعة بوصول المصريين إلى لحظة الانفجار التي حدثت فعلا، مما أوقع قيادة جماعة الإخوان المسلمين في حيرة وبلبلة داخلية بين تيار يرفض المشاركة في الثورة وتيار يتبنى الانخراط فيها، وفي الوقت الذي كان يجلس فيه قيادات من الإخوان المسلمين مع مدير المخابرات، عمر سليمان، للتوصل إلى "حل ما" كانت المظاهرات تجتاح الشوارع، وقد توصلت هذه القيادات إلى اتفاق فعلي مع عمر سليمان، بالاشتراك مع القوى السياسية التقليدية، وهو الاتفاق الذي رفضته الجماهير الغاضبة، مما زاد من أزمة الإخوان المسلمين في التعامل مع الحراك الثوري، فاستقر رأي الجماعة على السماح لأعضائها للاشتراك في المظاهرات بشكل فردي، دون أن تنخرط الجماعة في الثورة كتنظيم أو مؤسسة، مما زاد "الطين بلة"، فقيادات الجماعة يريدون الحفاظ على الطابع الإصلاحي للتنظيم، وشباب الإخوان يرون "الثورية" هي الحل، وأن عدم المشاركة في الثورة تعني خسارة الشارع، مما خلق حالة من التباين بين تيارين داخل جماعة الإخوان المسلمين، مكونا بذلك عنصرا جديدا من العناصر التي ستتحول فيما بعد إلى أزمة داخلية كبيرة.