15 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أننا نقدر دور المعلم ونحترمه ونعرف مكانته، لكن في وضعنا الحالي أصبح المعلم في المدارس المستقلة يعمل كالنحلة ليل نهار ولا يجد إلا القليل جداً من الراحة ويحاسب على كل صغيرة وكبيرة، ويقع بعض المعلمين والمعلمات ضحايا أصحاب التراخيص الذين يكيلون عليهم الواجبات والمهام دون أدنى رحمة أو اعتبار. فبعض أصحاب التراخيص لا يفرق بين العمل الإداري والتدريس ويستوي عنده الجميع، فهو يمكن أن يكلف المدرس بإعطاء الحصص وزيادتها في أي وقت وكذلك يطلب منه العمل الإداري وتنظيم الاحتفالات والأنشطة والمشاركة فيها وحضور مجالس الآباء والأمهات وأحيانا مجالس الأمناء والبقاء إلى ساعات متأخرة في المدرسة وقد يشترك المعلم في أي شيء يخطر على بال صاحب الترخيص، حتى وإن طلب منه أن يذهب ليشتري من السوق مواد أو كتباً أو وسائل تعليمية وغير ذلك الكثير. وفي نفس الوقت مطلوب من المعلم أو المعلمة التحضير الجيد ومتابعة الدروس واستخدام أفضل الوسائل التعليمية، ونجد أن المسألة عائمة في عملية الدفع، ففي بعض المدارس تدفع المدرسة للوسائل التعليمية وتساعد المدرس، وبعضها لا تهتم لذلك وتترك الأمر للمدرس هو يشتري على حسابه الخاص ومنهم من يلزم المدرس بأن تقديراته ستكون حسب نشاطه أو شرائه للوسائل. فيظل المعلم أو المعلمة في عمل مستمر وأداء متطلبات المدرسة وفعاليات وحضور دورات مستمرة ومتابعة للطلاب وأولياء الأمور والرصد والتدقيق للدرجات وكثيراً من الأعمال الإضافية دون مقابل، وهذا بالطبع ينعكس بالتأثير العكسي عليهم في حياتهم الخاصة، خاصة المدرسات المتزوجات ولديهن بيوت وأطفال وأزواج يحاسبونهن، فماذا تعمل هذه المسكينة وسترضي مَن أو من!! طوال اليوم عمل إلى المغرب وطوال الليل تحضير وشراء من المكتبات والمشاركة في فعاليات وأنشطة مدرسية مسائية وما أكثرها والأطفال يبكون بحرقة مع الخدم والزوج يصرخ ويتوعد ولا يشعر إلا وقد أنهك زوجته التعب ونامت وكأنها مخلوق آخر وليست امرأة متزوجة عليها واجبات ولها حقوق. وفي اليوم التالي تعود إلى العمل كما بدأت في اليوم السابق، طبعا هذه الأمور دائما يتركها المجلس الأعلى إلى أصحاب التراخيص فهم مسؤولون عن الموظفين لديهم وطريقة معاملتهم ولا يهتم كثيرا بالمدرس وأعبائه كما يهتم بتوزيع الميزانية ورضى أولياء الأمور حتى وإن كان على حساب المعلم ويركز المجلس الأعلى في التقييم كثيراً على المستوى الأكاديمي والنتائج والتحاليل والبيانات، وقليلاً جداً على منبع تلك المصادر والبيانات الا وهو المدرس وبين فترة وأخرى يسمع المدرسون والمدرسات عن زيادات وعلاوات تصل إلى أعلى السموات وهي لم تسجل في أرض الواقع، بل بالعكس تظهر الأخطاء ولا يتسلم بعض الموظفين في المدارس رواتبهم أو تكون ناقصة وغير متوازنة ولا يحاسب المجلس الأعلى أصحاب التراخيص على ذلك، بل يعتبره أمراً خاصاً بالمدرسة ولا يدقق في بعض العقود ولا يهتم إذا أصحاب التراخيص قد منحوا المعلمين نسخاً من تلك العقود أم أنهم قد خبأوها عندهم ولم يوقعوا عليها كنوع من التلاعب حتى يمكن أن يقيلوا الموظف متى شاءوا. فلا يوجد سجل واضح وأرشيف موثق لبعض الموظفين في بعض المدارس المستقلة، وإنما بعد كل ذلك التعب وجري الوحوش للمعلمين والمعلمات قد يفاجؤوا بأنهم خارج الخدمة. تلك الأعباء وغيرها التي لا يتسع المقام لذكرها الآن تؤدي ببعض المعلمين والمعلمات للهروب من المدارس المستقلة أو التحول إلى العمل الإداري أو التقاعد المبكر. فأتمنى من المجلس الأعلى أن يعطي المدرسين والمدرسات اهتماماً أكثر وألا يترك الحبل على الغارب لأصحاب التراخيص، خاصة في موضوع المعلمين والمعلمات وهم أساس العملية التعليمية وأن يسهم في دعمهم والوفاء بمستحقاتهم وزيادتها، وكذلك على أصحاب التراخيص أن يخففوا عن المعلمين والمعلمات ويقدروا عملهم، وفي نفس الوقت أشكر وأقدر الجهد والعمل الدؤوب لبعض أصحاب التراخيص المخلصين الواضعين جل اهتمامهم للمعلم والوقوف معه بكل الوسائل الممكنة واضعين تقدمه واهتمامه من رفعة المدرسة وتقدمها ونجاح رسالتها وتطورها.