20 سبتمبر 2025

تسجيل

تحديات التجارة الإلكترونية في زمن كورونا

09 ديسمبر 2020

جاءني رائد أعمال شاب يندب حظه، فقد توقفت أعماله وسرح موظفيه، وأصبح يمارس مهمة متابعة أخبار جائحة فيروس كورونا في انتظار متى تنقشع الغمة ويعود من جديد. كان من اللافت أن ضيفي المُتطلع لم يجرب حلولاً جديدة، لم يلتفت إلى الفضاء الإلكتروني الواسع الذي يتمدد يوماً وراء آخر، لم يتخذ أي قرار غير الإيقاف، كان بإمكانه أن يصنع الفرق ويواكب التحول التكنولوجي ويصنع فرص ربح جديدة لكنه لم يفعل. قيل قديماً "المتشائم لا يرى من الحياة سوى ظلها"، وقال أحدهم "الكل يتكلم عن حالة الطقس، لكن لا أحد يفعل شيئاً حيالها". وإذا جاز لنا أن نطلق على عام 2020 بالنسبة لرواد الأعمال فإننا نسميه عام العاصفة، فقد عصفت الجائحة بالجميع ولا تزال تأثيراتها مستمرة وبسببها شل الاقتصاد العالمي وقيدت رحلات السفر وأوقفت الحياة. إنها جائحة فيروس كورونا الذي لم تسلم منه أي دولة في هذا العالم المترامي. لكن السؤال الذي طرح نفسه منذ بداية ظهور الجائحة: هل نتوقف؟ هل نبقى نتحدث عن حالة الطقس دون عمل أي شيء؟ هل نبقى نتحدث عن الصعوبات والتحديات والنتائج الوخيمة التي ورثتها جائحة كورونا على قطاع التجارة الإلكترونية التي أتحدث عنها هنا كخبير مهتم ونال نصيبه من التأثير في ظل هذه الجائحة سلباً أو إيجاباً. هل نتوقف؟ أم أننا بحاجة إلى إعادة التفكير ودراسة الوضع واستثمار الجائحة في ابتكار حلول جديدة وفضاءات أوسع. صحيح أن جائحة كورونا قد ولدّت الكثير من العقبات أمام قطاع التجارة بشكل عام، وامتدت تلك التأثيرات إلى قطاع التجارة الإلكترونية، إلا أن الجائحة من وجهة نظري قد أمدّت التجارة الإلكترونية حيزاً واسعاً من المنافسة وولدّت المجال للابتكار والتطوير، وصناعة فرص جديدة وربح أكثر بالتأكيد. وبالقدر الذي كان لهذه الجائحة دوراً كبيراً في نمو قطاعات اقتصادية على مستوى العالم والمنطقة أبرزها التجارة الإلكترونية والخدمات الطبية، وذلك بسبب التغير المفاجئ الذي طرأ على سلوك المستهلك عبر أسلوب التسوق عن بعد، إلا أن تحديات كبيرة وقفت أمام رواد الأعمال وأصحاب المشاريع –الصغيرة والمتوسطة خصوصاً– خلال الجائحة، ولعل أبرزها السيولة المالية، وعدم توفر المواد الخام، وقيمة الإيجار، وقيمة الرسوم للمشاريع المتضررة، فضلاً عن تأثر التجارة الإلكترونية بتأخير التسليم وإلغاء الطلبات وتحديات جديدة شملت زيادة الأسعار إلى مستويات غير معقولة، والقلق المتعلق بسلامة المنتجات، ودخول المتلاعبين في خداع المستهلك، وعوامل أخرى مرتبطة بأمن الفضاء الإلكتروني والتشريعات القانونية والتسهيلات الحكومية. وقد لاحظت منظمة التجارة العالمية أن هناك زيادة واضحة في تكيف المستهلكين مع التجارة الإلكترونية بسبب إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي، لكن المنظمة وجهت الانتباه إلى تحديات جديدة أبرزها سد الفجوة الرقمية داخل البلدان وفيما بينها. ولعل ما يميز دولة قطر انتهاج قيادتها الرشيدة منذ سنوات صناعة التحول الرقمي في مجالات حيوية عديدة، وهو الأمر الذي مكنها من التكيّف مع أزمة وباء كورونا، إذ لم يعد التحول الرقمي "ترفاً" كما كان يقال عنه، فقد أصبح ضرورة وجودية بعد ظهور هذا الوباء المدّمر. وبشكل عام، فإن أزمة كورونا يجب أن تُشكل حافزاً إضافياً في بذل المزيد من الجهود وفتح الآفاق في قطاع التجارة الإلكترونية، وصناعة تحول رقمي شامل لتوسيع التجارة الإلكترونية وتشجيع رواد الأعمال في هذا القطاع دعماً وتسهيلاً وتدريباً وتنظيماً. [email protected]