12 سبتمبر 2025
تسجيلموقف رئيس الوزراء العراقي، السيد حيدر العبادي، الرافض لدخول أي قوات أجنبية إلى العراق لتشارك في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية يذكرنا بحكاية الشخص الذي دسّ المحافير عن الذين جاءوا لمساعدته في حفر قبر والده التي يجسدها المثل الشعبي المطروق. صحيح أن موقف السيد العبادي هو الموقف الأنبل والأسلم لو كان السيد العبادي يملك الأدوات التي تحقق له تنفيذ مشروعه الخاص بتحرير مدنه المحتلة دون اللجوء إلى طلب عون الآخرين من خارج الحدود العراقية. ولكن الأماني شيء، وتحقيقها شيء آخر. الحقيقة الماثلة تقول إن تحقيق أماني السيد العبادي بتحرير مدنه المحتلة بقوة جيشه الذاتية دونها خرط القتاد، بل ربما ساعد موقف السيد العبادي في ضياع المزيد من مدن العراق وأراضيه لصالح تنظيم الدولة الإسلامية بسبب التلكؤ في بداية حملة التحرير ضد تنظيم أصبحت نجاحاته في خلق المفاجآت العسكرية لخصومه، أصبحت سؤالا محيرا في حد ذاتها مثل كيف توفرت هذه الإمكانات العسكرية واللوجستية والتنظيمية لجماعات هي ليست أكثر من مليشيا مسلحة لا يعرف لها تاريخ عسكري، ولا مصدر تمويل مالي محدد ومعروف ولا عقيدة مرجعية قتالية يعتد بها. ومع ذلك نراها تقاتل في شراسة وعناد وتحقق مفاجآت يعبر صداها الفضاءات الإعلامية، ولا مجيب عن هذه الأسئلة المهمة. قد يجد المراقبون العذر للسيد العبادي إذا قال صراحة إنه يشك في جدوى عنتريات الرئيس الأمريكي وتوعده لتنظيم داعش بالإبادة بقوة فنية لا يزيد تعدادها على مائة فرد من الجنود المشاة مثل ما ظل الرجل يردد ويهرف بهذا الكلام غير المفيد حتى لحظة إعداد هذا العمود، مثل تهريف وزير خارجيته المرتبك تماما الذي يقول في لحظة واحدة الجملة ونقيضها ويمضي دون أن يأبه بالضرر الذي يلحقه بالدولة القطب. ألم تسمعوا بعد كيف طلب الوزير المرتبك من المعارضة السورية الاشتراك مع الرئيس الأسد في مقاتلة تنظيم داعش في ظل وجود الرئيس الأسد في السلطة قبل أن يختم تهريفه بالقول إنه يشك في أن تقبل المعارضة السورية اقتراحه ذاك. نعم، لا جدوى من التعويل كلية على هذه الإدارة الأمريكية المرتبكة في الحرب ضد داعش. ولكن لا جدوى كذلك من دس المحافير عن كل من جاءنا يعرض المساعدة في دفن داعش الكريهة!.