17 سبتمبر 2025
تسجيلأكثر من 800 شخصية إسرائيلية اعتبرت أن مبادرات البرلمانات الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية ستشجع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على إنجاز اتفاق لحل النزاع بينهما، وذكرت هذه الشخصيات الموقعة على رسالة موجهة إلى مجالس النواب والشيوخ في أوروبا أن موقفها ناتج عن الحرص على سلامة إسرائيل والقلق الذي يسببه جمود عملية السلام واستمرار سياسات بناء المستوطنات، هذه الرسالة التي وقع عليها كبار المؤلفين والكتاب وسياسيون تعكس خوف المجتمع الإسرائيلي من المستقبل المجهول بعد تجربة مريرة عاشوها أثناء الحرب الأخيرة على غزة والتي تهشمت فيها الصورة المخيالية لجيش الاحتلال الذي لا يقهر.تحرك الشخصيات الإسرائيلية الداعم للحراك الأوروبي يقابله انصراف المثقفين وقادة الرأي العرب إلى اهتمامات هامشية بعد أن تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية إلى مستويات منخفضة، بل إن قطاعات من الإعلام العربي ترى في المنطقة العازلة التي يقيمها الجيش المصري بين سيناء وقطاع غزة قضية كبرى ستكون لها نتائج ملموسة على عملية الأمن والسلام، إذ إنها ستضمن تجفيف منابع الإرهاب الذي يهدد مصر وإسرائيل على حد سواء، والذي بسببه اندلعت الحرب على غزة.رب ضارة نافعة، كما يقال، فرغم المعاناة والألم الذي سببته الحرب على غزة 2014 إلا أنها خلقت رأيا عاما في أوروبا يساند حق الفلسطينيين في حياة كريمة على أرضهم، كانت السويد نواة لكرة الثلج عندما تجاهلت الضغوط الإسرائيلية والأمريكية لتفاجئ العالم بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين.شكل هذا الاعتراف من دولة أوروبية مهمة أزمة كبيرة في الحكومة الإسرائيلية، إذ حاولت إقناع شعبها بأن الدافع الرئيسي وراء قرار السويد يرتبط بأحداث سياسية داخلية، من بينها أن نحو 6 في المائة من السكان مسلمون، لكن تلك التبريرات الواهية سرعان ما تبين زيفها عندما توالت الاعترافات الرمزية من برلمانات بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وأيرلندا وربما تتهيأ الظروف لتعترف بدولة فلسطين أكثرة من 12 دولة أوروبية، هذا الحراك الثوري في أوروبا دفع الدبلوماسية الإسرائيلية والحركة الصهيونية لاستنفار كل إمكاناتها من أجل وقف حملة الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية، لأن المسؤولين الإسرائيليين يدركون أن هذه الخطوات، ورغم كونها رمزية، إلا أنها تعبر عن رفض شعبي أوروبي لسياسة القمع والتوسع الاستيطاني واستمرار عرقلة جهود التوصل إلى سلام، وربما تشكل عامل ضغط على واشنطن لتتخذ، على الأقل، قرارا متوازنًا ومعتدلاً، وإذا ما استمر الحراك على هذه الوتيرة فقد يتراجع الدعم الرسمي لإسرائيل ويتراجع تفهم اعتباراتها الأمنية التي تبرر بها سياسة العنف ضد الفلسطينيين، مما قد يشعرها ببعض العزلة، رغم أن المواقف الأوروبية الرسمية قد لا تخرج في نهاية الأمر عن السقف الأمريكي وتتصادم مع إسرائيل. لكن هناك هواجس لدى المعسكر المؤيد لإسرائيل من صعود الأحزاب اليسارية التي حركت البرلمانات الأوروبية إلى سدة الحكم وساعتها ربما تعلن اعترافات رسمية غير مشروطة بفلسطين كدولة مستقلة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية وهذا ما تحذر منه الإدارة الأمريكية حاليا من أن أي اعتراف غير مشروط بالاتفاق مع إسرائيل سيقوض جهود السلام، الأمر الذي جعل البرلمان الأوروبي يرجئ جلسة التصويت بالاعتراف بدولة فلسطين إلى الشهر الجاري، بسبب صراع بين كتل اليمين واليسار، فقد حددت قوى تكتل اليمين في البرلمان الأوروبي لنفسها صيغة الاعتراف بفلسطين، كالتالي: الاعتراف مطلوب عندما يصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق سلام، وأن يكون حق تقرير المصير بيد إسرائيل.بينما الصيغة التي تريد قوى اليسار اعتمادها تقول: "يجب الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 وبعد ذلك الوصول إلى اتفاق سلام مع إسرائيل كثمرة لهذا الاعتراف".مواقف البرلمانات الأوروبية يجب أن تسندها تحركات شعبية في عوالم العرب، تبدأ أولا، وعلى الأقل، بتحرك 800 شخصية عربية من جهابذة الثقافة والفن والإعلام على اعتبار أن قضية فلسطين قضية إنسانية بغض النظر عن ثنائية فتح وحماس، ثم تحركات برلمانية ورسمية على أعلى المستويات لمطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بتغيير سياستها المهادنة لإسرائيل وإجبارها على تجميد سياسة الاستيطان واستئناف المفاوضات المباشرة للوصول إلى اتفاق بشأن الحل النهائي خلال وقت محدد يضع حدا للصراع العربي الإسرائيلي، بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية.أما عملية تقدم الدول العربية والسلطة الفلسطينية بمذكرة إلى الأمم المتحدة بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال ثلاث سنوات فلن يؤدي ذلك إلى نتيجة، بل ربما يضعف من رمزية الخطوات الأوروبية، لأن أي فعل دبلوماسي مستقبلي أمام مجلس الأمن الدولي لن يكون مجديا.سلكنا طريق الأمم المتحدة مرات عدة وهناك كومة كبيرة من أوراق قراراتها بشأن قضيتنا العادلة دون تنفيذ.. فمتى نسلك طرقا أخرى؟.