10 سبتمبر 2025
تسجيليصادف هذه الأيام معرض الدوحة الدولي للكتاب، والذي يعتبر مناسبة ثقافية، ومهرجانا معرفيا، يُعنى بالعلوم والأدب والفنون، إذ هو بكل ما يحوي من كتب وزوار، وفعاليات ثقافية، يحفز الفكر على العطاء والإبداع، إن كان عن طريق الحوار، أو الندوات، أو حتى الأمسيات، كمنبر للثقافة، وملتقى للكتاب، والمهتمين، وأولئك الذين يبحثون عن نقطة للانطلاق. ومما لاشك فيه أن القراءة هي أحد أولى مصادر المعرفة، وأهمها على الإطلاق، وإحدى أقوى الوسائل للتطوير الذهني، وتهذيب النفس، وتجميل الفكر، وتشذيب المنطق. ولعلنا أكثر أمة يجب عليها أن تتشرب هذه الفكرة، وقد نزل القرآن على سيدنا محمد، وكانت أول كلمة " اقرأ "، أي أننا أمة القراءة والعلم، الاطلاع والتأمل، البحث والمعرفة، أمة ترتفع بدينها وعلم قرآنها. و إذا كنا نعاني في قطر من قلة زوار المعرض، على الرغم من التنظيم الجميل، وتوافر أغلب الكتب، على الأقل التي كنت أبحث عنها، فكيف يحدث أن يتم حرمان بعض طالبات المدارس من حضور المعرض..؟ كيف يتم اصطفاء الطالبات المتفوقات لرحلة معرض الكتاب؟ ولكأن القراءة اقتصرت على مجموعة دون أخرى. إنهم - وأعني المدارس التي همّشت بعض الطالبات من حضور المعرض - من غير وعي واستيعاب، وبهيمنة يرفضها المنطق، حرموا الأطفال حقًا من حقوقهم، فكما العلم حق للطفل، فالقراءة أيضًا تعتبر حقًا، والإطلاع حقًا، والتأمل حقًا، أما منحهم الفرص أعظم الحقوق على الإطلاق، خاصة في ظل وجود فعاليات للطفل، تنتظر من أبنائنا الحضور والتواجد. إن التفوق مطلوب بالتأكيد، والتميز أمر محبب في طبيعة النفس البشرية، والمكافأة على ذلك دافع قوي، وحافز جبار للتقدم والإنجاز، ولكن لا تكون الجائزة في هضم حق شخص آخر، وتهميشه، إنهم بذلك حرموا طفلاً أن يكتشف قدراته، وأن يجد في نفسه عالمًا قد يكون على أهبة الانفجار، في أن يتحول من فكر عادي، إلى فكر خارق، قد يخلّده التاريخ في صفحة الإبداع. يجب علينا تكوين قاعدة ثقافية في قطر، تبتدئ من الأطفال أولاً، في غرس حب العلم في نفوسهم، وصناعة ذاكرة هي تعتبر الآن خصبة، في إيمانهم أن لتواجدهم أهمية عظمى في هكذا محفل، وأنهم بجمال أفكارهم، وقوة إبداعهم، قد تُباع كُتبهم يومًا ما، في ذات المعارض، وعلى ذات الأرفف، وستأتي أجيالاً أخرى تذكرهم، تريد أن تكون في نفس موضعهم. إن تكسير آمال الطفل جرم عظيم، وتهميشه اعتداء نفسي، وهضم حق من حقوقه، فلنكتشف أطفالنا، إنهم المستقبل، والقوة، والطريق إلى الأعلى، إنهم النهضة والوثبة في سبيل التقدم.