15 سبتمبر 2025

تسجيل

المسؤولية المجتمعية.. تأصيل أم رهان؟

09 نوفمبر 2019

تشير جل التقارير والاحصائيات المعتمدة في تقييم مظاهر النمو والتقدم لدى أغلب البلدان بشكل صريح وجلي إلى الحضور الوازن والفعلي للمجتمع المدني بكل مكوناته وأطيافه، وتكشف أن الفرد صار فاعلا رئيسيا في المنظومة المجتمعية، تتأتى مبادراته جنبا إلى جنب مع الجهات والمؤسسات الرسمية. فإذا كانت الدولة من واجبها أن ترعى الاستقرار والأمن داخل البلد، وتكفل لمواطنيها الحق في التعليم والصحة وتوفير الشغل والعيش الكريم وتحقيق الكرامة الإنسانية، فإن من حق الجميع أن يساهم في هذه المكتسبات ويبلور كل طموحاته وينمي جهوده قصد الحفاظ عليها، ووضع اللبنات والأسس العلمية لترسيخ بصماته في شؤون الحياة: تلك إذن هي المسؤولية المجتمعية. لقد أبرزت التجارب الناجحة أن المجتمع المدني قد بات لمساهمته وقع كبير في رسم معالم الأنشطة والتدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص، علاوة على دوره الريادي في العمل الفني الثقافي بشتى تلويناته وفروعه، كما صار له الإشعاع الأكبر في مجالات البيئة والحفاظ على الموروث. لقد قامت العديد من المبادرات الخلاقة في مناح شتى من صميم اهتمامات الأفراد والفعاليات المجتمعية، وبدافع الإحساس بالانتماء وواجب المسؤولية من قبيل إحداث مراكز الرعاية الاجتماعية والتكفل بذوي الاحتياجات الخاصة وتنظيم القوافل الطبية وتوزيع المساعدات والمؤن إبان الحروب والكوارث الطبيعية، فضلا عن الاهتمام الواسع بالشأنين الثقافي والتعليمي متجليا في إقامة المهرجانات والمنتديات الثقافية والأمسيات الشعرية والأدبية، وتشجيع الطاقات الشبابية الواعدة في مجالات الإبداع، والتشجيع على فعل القراءة ووسائل الابتكار، زيادة على نظرته اتجاه البيئة والحفاظ على الإرث التاريخي والتراث اللامادي اعتزازا بمكانته داخل المجتمع وتفعيلا لدوره في الحياة. وترتيبا على ذلك وفي ذات السياق أبانت التجارب العملية في دولة قطر على أن المسؤولية المجتمعية لها صبغة متفردة وهادفة لالتزامها بتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة، ولارتكازها على الأهداف الاستشرافية الطموحة المتبناة في الرؤية الوطنية لسنة 2030، مما حدا بكل الفعاليات والهيئات داخل الدولة أن تضع صلب اهتماماتها ورؤاها وفق هذا الأساس بغية إذكاء وتنمية القدرات المحلية. وتماشيا مع سياسة الدولة في هذا المجال كان للتعليم والصحة والبيئة والرياضة الأثر الأكبر لهذا الاهتمام. وفضلا عما أبانت عنه العديد من الطاقات والكوادر القطرية في النسيج المجتمعي، فإن تربية الجيل الصاعد وتحسيسه بأهمية الانخراط في هذا الباب تعد من أولى الأولويات وأ[برز وأسمى الغايات إذ تحفل المناهج والبرامج التعليمية والتربوية بالعديد من التوجيهات والارشادات والمفاتيح المؤشرة على بلوغ هذا المسعى وما يواكب ذلك من مجهودات تساهم في تعزيز طلاب المدارس على المشاركة الفعلية والفعالة في الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، وكذا ترسيخ قيم المواطنة الحقة والاعتزاز بضرورة الحفاظ على البيئة وصيانة الموروث الوطني. وهكذا تساهم الأسرة التعليمية قاطبة في تسطير برامج وأنشطة موازية على مدار الموسم الدراسي الغاية منها إبراز تلك القدرات وتوطيد الصلة مع العمل المجتمعي، وتطالعنا يوما بعد يوم نماذج مشرقة واعدة صار لها نفس الاهتمام وقد تشبعت بفكر العمل المجتمعي واتقدت لديها شعلة الإحساس بالعمل الفردي التطوعي داخل هيئات منتظمة وفي إطار قانوني تبدت إسهاماتها في كثير من المناحي لعل أبرزها العمل الكشفي والحملات التوعوية والتحسيسية وحملات النظافة والمشاركة والحضور الفعلي في الأنشطة الميدانية. وخلاصة القول في الموضوع فقد تشبع المجتمع القطري برمته بالشأن المجتمعي واضحت المسؤولية المجتمعية لديه راسخة متجلية من سماته وشيمه حتى صارت لها أبعاد خارج الحدود من خلال ورود اسم قطر وبقوة في جل المبادرات الإنسانية والاجتماعية عبر كل دول المعمور. [email protected]