12 سبتمبر 2025

تسجيل

القدس والأقصى.. مقاربة أندلسية

09 نوفمبر 2015

ظل أبناء العرب والمسلمين في الأندلس سنوات طويلة. على مدى سنوات القرن الخامس عشر الميلادي. وربما بعد ذلك بسنوات. يحلمون بأن يسارع أشقاؤهم في المشرق العربي والإسلامي. تحديدا الخلافة العثمانية التي فرضت حضورها في عالم ذلك الزمان ومصر. وغيرها من أمصار قوية في المغرب العربي. لنجدتهم من همجية وبربرية القشتاليين الذين اقتحموا عليهم أقاليمهم ومدنهم. التي أقاموها على مدى ثمانية قرون من حكم عربي إسلامي في إسبانيا. كان المقدمة للتحولات الحضارية التي شهدتها أوروبا فيما بعد.. لكن لم يبادر أحد بإرسال أي إسناد فخضعوا لكل صنوف التطهير العرقي والديني ومحو الهوية.. وإذابتهم قسرا في الهوية القشتالية بطقوسها الدينية.. القائمة على أساس المسيحية ومحو الإسلام من الذاكرة الأندلسية عبر أساليب شديدة القسوة.. ومع توالي القهر والقمع والأيام. انتهى الوجود العربي الإسلامي من الأندلس. ولم تبق إلا الذكرى والشواهد التي تم صبغها بالطابع القشتالي المسيحي على أنقاض حضارة عربية إسلامية. اختفت بفعل فاعل ومن فرط الاختلافات والانقسامات والحروب. التي نشبت بين من أطلق عليهم آنذاك ملوك الطوائف. والذين كان البعض منهم يستعين بالعدو لنصرته على شقيقه العربي المسلم.ويتابع المرء ما يتعرض له الفلسطينيون اليوم من عدوانية غير مسبوقة.. من قبل الاحتلال الصهيوني المستمر منذ ما يقرب من السبعة عقود تطال البشر والحجر. وبنفس مواصفات همجية القشتاليين وحقدهم على كل ما هو عربي إسلامي.. ومع تصاعد صرخات النسوة وكبار السن في الأراضي المحتلة: أين العرب والمسلمون. تنتابني هواجس من تعرضهم لنفس مصير عرب ومسلمي الأندلس. فالشاهد أن الأمة بشقيها العربي والإسلامي ما زالت تراوح مواقعها ولا تمتلك القدرة على الحركة النشطة الإيجابية والفاعلة القادرة. على وقف العدوان الصهيوني أو تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني سواء ماليا أو سياسيا أو إعلاميا. فهو يقاتل معركته وحيدا إلا من بيانات هنا وهناك. وتصريحات من قبل هذا المسؤول العربي أو ذاك. يتم التأكيد فيها أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية العربية. ولكن من دون حراك حقيقي أو مقاربة عملية تصب في توفير الإسناد للصمود الفلسطيني الأسطوري. في وجه آلة عدوانية تمتلك أحدث ما في ترسانة الولايات المتحدة من عتاد عسكري بالغ التطور ضمن تحالف إستراتيجي استثنائي بين الطرفين لم يتكرر على مدى التاريخ.إنني عندما أستمع إلى صرخات الفلسطينيين والفلسطينيات الذين يفقدون شبابهم وأطفالهم. في أعمال قتل صهيونية ممنهجة ولمجرد الشك في قيامهم بعملية طعن أو دهس لجنود الاحتلال وقطعان بني صهيون. أستعيد صرخات الأندلسيين الذين بقوا عقودا يقاومون ويقبضون على جمر دينهم وهويتهم.. انتظارا لما هو آت من خلافة ناشئة قوية في ذلك الزمان البعيد. وأمصار لديها القدرة على الوقوف في وجه القشتاليين المتعصبين الحاقدين على الإسلام والعروبة في الأندلس. وأصارحكم القول في هذه المرحلة التي تحتشد فيها الأحقاد الصهيونية على القدس والمسجد الأقصى بل وعلى كل ما هو فلسطيني أن هواجسي تتزايد من إمكانية إعادة إنتاج ما جرى للأندلس في فلسطين.. صحيح أن ثمة تجربة ثرية وخصبة للقائد صلاح الدين فيما بعد. عندما استعاد القدس وفلسطين من قبضة الصليبيين بعد حوالي مائة وخمسين عاما من الاحتلال والاغتصاب. غير أنني لا أشعر أن هناك من بمقدوره أن يعيد غزل هذه التجربة. بعد أن قطعنا نحن العرب عهدا بأن تكون حرب أكتوبر آخر الحروب. وأن السلام هو خيارنا الإستراتيجي وبدأ بعضنا في إجراءات تطبيع علني مع الكيان الصهيوني. وإن كان التطبيع المحجوب أوسع نطاقا منه. وبمباركة دوائر حتى خارج السياق الرسمي. وهو ما يجعل الكيان يقف على أرضية صلبة. في معركته الباطلة معنا.إن العدوان الصهيوني الراهن ضد القدس والأقصى والمرابطين فيه والشعب الفلسطيني. بدأ منذ شهرين تقريبا وشهد تصعيدا شديد الخطورة خلال شهر أكتوبر الماضي. دون أن يتمكن العرب من عقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية.. وعندما اقترحت دولة الإمارات العربية المتحدة موعدا لمثل هذا الاجتماع في الرابع من أكتوبر الماضي. تراجعت أغلب الدول العربية عن عقده. وكان التبرير جاهزا وهو انتظار الجلسة العامة التي سيعقدها مجلس الأمن بعد ذلك بثلاثة أو أربعة أيام. ثم عقد اجتماع على مستوى المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية فيما بعد. ثم تقرر أن يعقد الاجتماع الطارئ اليوم الإثنين التاسع من نوفمبر. واللافت أن جدول أعماله سيقتصر – وفق تصريحات رسمية - على مناقشة مشروع قرار يتضمن كيفية التعاطي مع المجتمع الدولي خاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس العالمي لحقوق الإنسان، كما يتضمن الوسائل القانونية المختلفة التي يمكن اللجوء إليها لطرح مشروع القرار العربي في الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووضع سقف زمني لذلك.سكت الكلام لدي..