08 أكتوبر 2025
تسجيل* يعتبر خليل مطران الشاعر اللبناني الأصل أستاذ شعراء التحديث والتجديد في الشعر العربي، كما يقول الدكتور طه حسين، وكان الشعر في القرن التاسع عشر يعتمد على التقليد لا التجديد عند أغلب شعراء العرب ولذلك قال اليازجي عن الشعر: قد قلَّ في هذا الزمانِ رَوَاجُهُ حتى ابتلي مع رُخْصِهِ بكسادِ * ويقول اليازجي عن شعره: ولقد هممتُ بتركِهِ لو لم تَكُنْ غَلَبَتْ عليّ صبابةٌ بفؤادي ما كنتُ اعرفُ قبلَ معرفتي به نفسي، فكانَ كتوأمِ الميلادِ * خرج خليل مطران من بعلبك إلى بيروت طلباً للعلم، ومن بيروت إلى باريس هرباً من الوالي العثماني ومن باريس إلى الإسكندرية، ومن الإسكندرية إلى القاهرة، حيث أحدث انقلاباً في الشعر العربي عندما خرج عن الطريقة التقليدية للقصيدة العربية، خاصة في قصيدته "الطغاة" أو قصيدة "تهنئة" التي يقول فيها: زُفَّتْ إِلَيْكَ وَالزَّمانُ وَرْدُ ... وَالنُّورُ تَاجٌ وَالفَرِيدُ عِقْدُ وَالجَوُّ صَفْوٌ وَالنَّسِيمُ نَدُّ مَا أَبْهَجَ الْعَيْشَ إِذَا تَلاَقَى ... مُلْتَهِبَانِ ظَمَأً فَذَاقَا كَأْساً مِزَاجُهَا اَلْهَوَى وَالسَّعْدُ مَا الحُبُّ إِلاَّ نِعْمَةٌ وَأَمْنٌ ... لأَهْلِهِ وَرَحْمَةٌ وَيُمْنُ دَعْ عَاذِلاً أَوْ سَائِلاً مَا بَعْدُ اَلْيَوْمَ ظُلْمَةٌ تَسِيلُ خَمْرا ... مُوْقِدَةٌ فِي كُلِّ قَلْبٍ فَجْرا وَفِي غَدٍ شَمْسٌ سَنَاهَا شَهْدُ اَلْيَوْمَ تُعْرَفُ اَلْغَرَامَ البِكْرُ ... وَمَا عَلَيْهَا فِي الْغَرَامِ نُكْرُ يَا حُسْنَ غِيِّ صارَ وَهْوَ رُشْدُ مَضَى زَمَانُ الغِرَّةِ اللّطِيفَهْ ... وَجَاءَ وَقْتُ الصَّبْوَةِ العَفِيفَهْ ُعِدّ لِلعُمْرانِ مَنْ يُعِدُّ وَفي غَدٍ تَوَافُدُ البَنِينَا ... ثُمَّ عَلَى تَقَادُمِ السِّنِينَا تَجَامُلٌ حُلْوٌ وَعَيْشٌ رَغْدُ جُرْجِيتُ يَا مَنْ خَصَّهَا بالحُبِّ ... أَسْرَى الشَّبَابِ فِي أَعَزِّ شَعْبِ إِنْ الْوُرُودَ شِبْهُ مَن بَوَدُّ جُرْجيتَ قد أُجيزَ لِلْقَوَافِي ... وَصفُ العَرُوسِ سَاعَةَ الزِّفافِ فَلا يَكُنْ عَنْهُنَّ مِنْكَ صَدُّ وَعَلَّ زوجَكِ أَلأَدِيبَ آذِنْ ... إِنِّي إِذَنْ بعَينِهِ مُعَايِنُ وبِفُؤادِهِ لِسَانِي يَشْدو * ونقف عند قصيدة "نيرون" التي نشرت بعد وفاته عام 1949م، وكان ذلك عام 1951م: ذلك الشعب الذي آتاه نصرا هو بالسبة من نيرون أحرى أي شيء كان نيرون الذي عبدوه؟ كان فظ الطبع غرا بارز الصدغين رهلا بادنا ليس بالأتلع يمشي مسبطرا خائب الهمة خرار الحشى إن يواقف لحظه باللحظ فرا قزمة هم نصبوه عاليا وجثوا بين يديه فاشمخرا ضخموه وأطالوا فيئه فترامى يملأ الآفاق فجرا منحوه من قواهم ما به صار طاغوتا عليهم أو أضرا يكثر الإعصار هدما وردى إن يكاثره وما أوهاه صدرا مد في الآفاق ظلا جائلا هو ظل الموت أو أعدى وأضرى إن رسا في موضع طم الأسى أو مضى فاظنن بسيف الله بترا متلفا للزرع والضرع معا تاركا في إثره المعمور قفرا إنما يبطش ذو الأمر إذا لم يخف بطش الأولى ولوه أمرا ساس "نيرون" برفق قومه مستهلا عهده بالخير دثرا مستشيرا فيهم الحذر إلى أن بلا القوم فما راجع حذرا ضاربا فيهم بكف مرة باسطا كفيه بالإحسان مرا لان حتى وجد اللين بهم فجفا ثم عتا ثم اقمطرا لبس الحلم لهم حتى إذا آنس الحلم بهم منه تعرى وانتحى يرهقهم خترا فما عاقل في معقل يأمن خترا بادئا تجربة البأس بمن هو من أهله في الأدنين إصرا لم يشفعهم لديه أنهم أعلق الناس به قربى وصهرا مستبيحا بعدهم كل امرئ رابه سما وإحراقا ونحرا من موالين وندمان لقوا حتفهم حيث رجوا سيبا مبرا وأولى علم على تأديبه أنفقوا من علمهم ما جل ذخرا