16 سبتمبر 2025

تسجيل

حين يشيع المقتول قاتله

09 أكتوبر 2016

حين قرر وحشي، قاتل حمزة بن عبد المطلب، ان يسلم، جاء إلى النبي، فما كان منه الا ان قبل اسلامه، شرط ان لا يراه ابدا، رغم ان الرسول صلى الله عليه وسلم، كان متسامحا بشكل لم تعرف له البشرية مثيلا، لكنه لم يكن ليتسامح مع قاتل عمه، إلى درجة رؤية القاتل، فكان اشترط عليه ان يغيب عن ناظريه. ولكن يبدو ان محمود عباس، رئيس سلطة رام الله المنتهية ولايته، قرر ان يكون متسامحا اكثر مما تطيقه النفس البشرية، وذهب للمشاركة بتشييع رئيس الكيان الاسرائيلي شمعون بيريز، وبلغ به الحزن مبلغا ان ذرف عليه الدموع، وكانه احد افراد عائلته.شمعون بيريز، ارهابي قاتل، يرأس كيانا مصطعنا احتل فلسطين وشرد أهلها، ولم يترك مناسبة استطاع فيها ان يقتل فلسطينيين الا وفعل، بل وارتكب مجزرة في قانا، وشارك بقتل مئات الفلسطينيين، وعلق على اغتيال الموساد للشهيد فتحي الشقاقي، الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي بقوله:" نقص القتلة واحدا" في قلب العاصمة الاردنية عمان. وهو لم يتراجع عن مواقفه العدائية للشعب الفلسطيني، ولم يندم على سفكه لدماء الشعب الفلسطيني واللبناني، بل استمر حتى اخر يوم في حياته على مواقفه العدائية والعنصرية، الامر الذي يجعله يستحق العبارة التي صاغها هو بنفسه لنقول عن موته "نقص القتلة الاسرائيليون واحدا".لكن محمود عباس، رئيس سلطة رام الله، ذرف الدموع على قاتل لم يتب، ولم يندم، ولم يتراجع، ولم يبد ان تعاطف مع الضحية الفلسطينية، واصر على اعتبار الفلسطينيين مجرد مجموعة من "المخربين"، وليسوا بشرا، مما يطرح تساؤلات عدة عن البنية النفسية لرجل يدعي انه يمثل الشعب الفلسطيني.مشاركة ابو مازن في تشييع بيريز، وهو قاتل برتبة رئيس دولة، او بالاحرى رئيس كيان مصطنع، تمثل الدرك الاسفل من الانهيار الاخلاقي والقيمي والنفسي والانساني، بل ان المشاركة في تشييع القاتل يمثل "هزيمة نفسية كاملة"، واستسلام غير مشروط للعدو الاسرائيلي، واقرار ان القيادة التي تمثل الشعب الفلسطيني "عاجزة وبائسة ويائسة". وبالتالي فهي ترتمي في احضان القاتل في خضوع قل مثيله في التاريخ.لا يمكن لرجل مثل محمود عباس، ومرافقيه إلى جنازة القاتل، ان يمثلوا الحالة الفلسطينية، لان الشعب الفلسطيني الذي يقاتل منذ 100 عام، منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين، ومن ثم الاحتلال اليهودي الصهيوني الاسرائيلي، قدم عشرات الاف الشهداء ومئات الاف الجرح وربع مليون معتقل على مدى 60 عاما، ان يقبل ان يكون مهزوما، فالشعب الفلسطيني قاتل وضحى من اجل الحلم والامل والطموح الفلسطيني بالحرية والاستقلال، ولم يكن هذا الشعب يوما متخاذلا، بل كان دائما معطاء وكريما بالدماء من اجل وطنه وارضة وحريته.لا يمكن لهذه "القيادة" ان تركب فوق اكتاف هذا الشعب لتمثله، وهذا غير ممكن وغير معقول، لان الراس يجب ان يتوافق ويتناغم مع الجسد، ومن غير المنطقي ان يكون الجسد رافضا للاحتلال والعبودية والاستسلام، ويكون الراس معاكسا لهذا الجسد، وعندما يعاكس الراس الجسد فانه بالتاكيد لاينتمي اليه.عباس الذي سبق ان وصف العمليات الاستشهادية الفلسطينية ضد العدو الاسرائيلي ب"الحقيرة"، واعلن انه ضد المقاومة المسلحة، وانه امر بقتل كل فلسطيني يطلق صاروخا على مدن الكيان الاسرائيلي، يعتبر "جزار قانا" وابو القنبلة النووية الاسرائيلية، صديقا و"حمامة سلام"، يشكل حالة من الاختراق للوعي الفلسطيني وتحطيما للشخصية والهوية الفلسطينية، وحالة غير مسبوقة من "التشوه الذاتي"، فلا يوجد مقتول يشيع قاتله سوى عباس والمحيطين به.الشعب الفلسطيني اكرم وانبل واعز من ان ينحدر إلى هذا المستوى من الخضوع والاستسلام وفقدان الارادة، وهذا ما يؤكد ان هذه القيادة المفروضة عليه، اسرائيليا وعربيا ودوليا، لا تمثله على الاطلاق، وان هذا الشعب "الولّاد" لا بد وان يصنع التغيير الذي يليق به.