01 نوفمبر 2025

تسجيل

الكفالات أموال مجمدة

09 أكتوبر 2016

بينما أستهل صباحي وكعادتي كل يوم، وأنا أتناول فنجان قهوتي، وأتصفح الجريدة، وقعت عيني على خبر صحفي أثلج صدري. ألا وهو "أعلى دخل للفرد .. في قطر". طبعا هذا لم يأت من فراغ. بل لقد شهدت دولة قطر نهضة كبيرة في كافة المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، التعليمية، والصحية والعمرانية، وهي النهضة التي شيَّدها صاحب السمو الأمير الوالد حفظه الله، وعلى نهجه استمرت تلك النهضة في عهد حضرة صاحب السمو الأمير المفدى، والتي مازالت تكبر وتزدهر يوما بعد يوم، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الحنكة والحكمة في حسن الإدارة لموارد البلاد وتنميتها لصالح الفرد الذي هو أفضل استثمار للمجتمع القطري. والذي جعلني أيضا أتطرق لهذا المقال هو موضوع الكفالات البنكية التي تفرضها الوزارات المختلفة في الدولة عند إصدارها التراخيص للشركات والمؤسسات، وخاصة الشركات الصغيرة والمحدودة الدخل، والذي جعلني أتطرق لهذا الموضوع كذلك هو القرار الجديد الذي أصدرته وزارة التعليم والتعليم العالي لجميع مراكز التدريب والتعليم التي تمنحها تراخيص للعمل بأن تُسدد عن كل نشاط مبلغ مائة ألف ريال قطري، كضمان بنكي مجمد لصالح الوزارة.وبداية أريد أن أعرف. الكفالة البنكية هي: عقد بموجبه يكفل شخص (البنك) للدائن (الوزارة) بأن يفي بما التزم به المدين (الشركة طالبة الترخيص) إذا لم يف الأخير بالتزامه تجاه الدائن. وبهذا فإن الوزارة عند مطالبتها بتقديم كفالة بنكية فإنها تطلب ضمانا بنكياً بالوفاء بالالتزامات المستقبلية لطالب الترخيص تجاه الوزارة، خاصة أن طالب الترخيص يضطر لإيداع مبلغ مالي بقيمة الكفالة (مائة ألف ريال)، تظل مجمدة طيلة مدة الترخيص، فلا يستفيد منها، بما يجعل جزءاً من رأس المال مجمدا موقوفا دون داع.وبذلك، فعند مطالبة الوزارة بكفالة بنكية، فالأصل أن تُحدد مُسبقاً قيمة الالتزام المستقبلي المطلوب من طالب الترخيص حتى يتم تحديد قيمة الكفالة البنكية تبعاً له. وهذا يدفعنا للتساؤل هل من العدل أن تُغالي وزارة التعليم والتعليم العالي في قيمة الكفالة البنكية التي تطلبها، وما هو الالتزام المستقبلي المتوقع لطالب الترخيص؟، وما هي قيمة هذا الالتزام؟، خاصة وأن تعامل المركز التعليمي مع طلبة المدارس فيما يتعلق بالدروس الخصوصية لا يتجاوز قيمة الدرس أو الدورة مبلغ 300 ريال شهرياً، بما يجعلنا نتساءل: لماذا المغالاة في قيمة الكفالة البنكية بجعلها مائة ألف ريال قطري؟ وهل من أجل ضمان الوفاء للطالب بقيمة الدرس أو الدورة تُصر الوزارة على تجميد مبلغ مائة ألف ريال؟.بل ولقد وصل الأمر ببعض الوزارات إلى أن تطلب كفالة بنكية لإصدار الترخيص قدرها (000ر250) مائتان وخمسون ألف ريال قطري! كوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. من أجل استصدار ترخيص لنشاط استقدام العمالة لصالح الغير، وعلاوة على ماسبق، فإن الشركات التي يجري التعاقد معها أصبحت تنتهج ذات السياسة عند إبرام العقود، فأصبحت تطلب كذلك كفالات بنكية بقيمة العقد، وهكذا تداعى الجميع على الشركات القطرية التي أصبحت بين شقي الرحى.نتمنى من الوزارات الموقرة أن تراجع سياساتها، بأن تقوم بتخفيض قيمة الكفالات البنكية للقدر المنطقي الذي يتوافق مع قيمة التعاملات الحقيقية للشركات طالبة التراخيص، إذ وصل الأمر لأن قيمة الكفالة البنكية المطلوبة للترخيص أصبحت تتجاوز قيمة رأس مال الشركة، بما يعني أن الشركة طالبة الترخيص مُضطرة لتجميد مايزيد على رأس مالها لمجرد استصدار التراخيص لبدء عملها، وهو ما يتنافى مع المنطق والعقل، علاوة طبعا على المغالاة في الإيجارات والرواتب المفروضة من سوق العمل.وختاما.. نداء أتوجه به لمعالي رئيس مجلس الوزراء الموقر، بالنظر في قيمة الكفالات البنكية التي تطلبها الوزارات لإصدار التراخيص خاصة بالنسبة للشركات القطرية صاحبة المشاريع الصغيرة، وذلك إما بتخفيض قيمة الكفالة أو حصره لمدة خمس سنوات كحد أقصى لتكون الشركة خلالها قد أرست دعائم استمرار أنشطتها، خاصة وأن الشركات تسعى لحسن تعاملاتها لتنأى بنفسها عن المخالفات التي قد تستوجب تسييل الكفالة البنكية وسحب الترخيص منها، وهذا ليس من مصلحة أصحاب الشركات .اللهم هل بلغت اللهم فاشهد ...