13 سبتمبر 2025

تسجيل

الحشاشون الجدد

09 سبتمبر 2020

في عام 1090 ميلادية، دخل واحد من أدهى من سار على قدمين في هذه الدنيا إلى قلعة حصينة، ولم يخرج منها حتى توفي بعد خمس وثلاثين سنة من دخوله إليها، ألا وهو الحسن بن الصباح مؤسس فرقة الحشاشين الاسماعيلية النزارية. أما تلك القلعة الموجودة في ايران فكانت تسمى قلعة (آلاموت) وتعني عش النسر، لأنها بنيت فوق صخرة عظيمة على رأس جبل شاهق ولا يعرف تاريخ بنائها ولا من بناها إلا أنها من أمنع وأحصن القلاع في العالم. ومن مناعة هذه القلعة انه كان لا يمكن الوصول اليها الا عن طريق واحد شديد الضيق، شديد الوعورة، وشديد الالتفاف والانحدار، بالكاد يكفي الرجلين او الثلاثة، وكان الجبل الذي يحمل هذه القلعة يسد وراءه مدخل واد عظيم المساحة شديد الخصوبة، تصب فيه الانهار وتنمو فيه انواع النباتات المختلفة، فتكفي سكان هذه القلعة وتمدهم بالماء والغذاء طوال السنة، فلا يمكن تجويع اهلها في حالة الحصار. فلاعجب إذاً ان عرفنا ان هذا المحتال الداهية لم يخرج من قلعته تلك طيلة حياته، خصوصاً بعد تأسيس جماعة الحشاشين. ‏‎اشتهرت تلك الفرقة بعمليات الاغتيال الجريئة، والتي تصل لحد الجنون في بعض الروايات، ولشدة خبث ودهاء هذا المجرم فإنه قام بتقسيم اتباعه الى خمس طبقات. الطبقة الأولى: هي طبقة شيخ الجبل وفيها هو وخلفاؤه وخاصته، ويسيطر فيها على السلطة الدينية والسلطة الدنيوية، ويجب على الجميع ان يسمعوا ويطيعوا بلا نقاش وان يتميزوا بالسرية والكتمان الشديدين. الطبقة الثانية: هي طبقة كبار الدعاة وهم ثلاثة اشخاص فقط، وكل شخص فيهم يختص بنشر الدعوة النزارية في مكان يحدد له مسبقاً. الطبقة الثالثة: طبقة الدعاة او طلاب العلم، وهم من مشايخ الاسماعيلية ومن المتعمقين في فهم عقليات من حولهم، كونهم على علم ودراية واسعة ومتعمقة لديانات ومذاهب الناس والجماعات المحيطة بهم. الطبقة الرابعة: طبقة الرفاق الذين يمضون وقتهم في الاستعداد لكي يكونوا في طبقة الدعاة، فيقرؤون كل كتب العلم ويدرسونها ويناقشونها ويقضون وقتا طويلا في هذه الدراسة، ويمرون بامتحانات صعبة وعسيرة قبل ان يستطيعوا الانطلاق لنشر عقيدتهم بعد أن يرتقوا الى طبقة الدعاة. أما الطبقة الخامسة والمثيرة والتي اكسبت الحركة سمعتها الرهيبة فهي طبقة الفداوية او الفدائيين، وهناك من يسميهم الضراوية وهم عبارة عن آلات قتل تمت لها عدة عمليات غسيل دماغ، فلا يعرفون شيئا سوى تنفيذ التعليمات بدقة متناهية. فانظر الى دقة وبراعة هذا التنظيم الهرمي في ذلك الزمن السحيق، ولم تكن "آلاموت" هي قلعتهم الوحيدة، بل كانوا يسكنون القلاع الحصينة، والتي عادة تحمل اسماء غامضة ومرعبة، كالقدموس والمنطقة ومصياف وبانياس وغيرها، وكان اشهر ادوات اغتيالهم هو الخنجر، وبه عرفوا، ولكنهم كانوا ايضا مهرة في عمليات الاغتيال بالسم وغيره مما لا يسع المقال لتفصيله برغم اثارته الحقيقية. وبالرغم من وجود الآلاف من الامثلة المرعبة في اغتيالاتهم الشيطانية، والتي تزخر بها بطون الكتب او في الانترنت لمن اراد الاستزادة، لكننا سنذكر هنا فقط مثالا واحداً سريعا حتى نضع القارئ الكريم في الصورة الصحيحة. فهم ان ارادوا اغتيال شخصية مهمة او حاكم ما فربما يرسلون الرجلين او الثلاثة فيخدمون بكل اخلاص وتفان في بلاط ذلك الرجل، الى ان يكسبوا محبة وتعاطف من هناك من الناس، ويبدؤوا بتكوين علاقات وصداقات مع الحاشية، خصوصا مع القادة واركان الحكم، وبعد فترات تصل لعدة اشهر احيانا يقومون بتنفيذ الاغتيال، ثم يهربون فإن قبضوا عليهم وحققوا معهم، عندها يعترفون تحت العذيب ان من امرهم بالقتل هم فلان وفلان اصدقاؤهم الجدد من بلاط الحاكم المقتول، فيتم اعدام هؤلاء ايضا بأيدي رجالهم فيسهل عندها انهيار الدولة والقضاء عليها، سواء عن طريق جيش الحشاشين او عن طريق جار طامع وبكلتا الحالتين يكون المخطط نجح، فانظر لمدى خبث هؤلاء!. بقي ان نذكر ان الفداوية كان يتم انتقاؤهم بحذر شديد، فيؤخذون وهو صغار وغالبا ما يختارون من تبدو عليه علامات القوة البدنية والغباء حتى تسهل السيطرة عليه، ويتم تدريب هؤلاء الصبية على ان شيخ الجبل هو ربهم وهو القادر على ادخالهم الجنة اذا ماتوا وهم في خدمته فيخضعون لتدريب عسكري قاس على طرق الاغتيالات وفنونها وأساليبها وكل ما يتعلق بها وكانوا هؤلاء الجهلة يضحون بمستقبلهم وارواحهم من اجل هدف وهمي لا يحمل عزا ولا شرفا ولا يخدم قضية غير المصالح الشخصية لرئيسهم المعتوه. وبالرغم من اتقان تلك الجماعة لأنظمة واساليب القيادة، الا انه قد خرج الآن حشاشون آخرون يتبعون سيدا لهم تافها هو الآخر، حتى وان لم يكن يشبه الحسن بن الصباح في ذكائه لكنه يشبهه في تفاهته وهم من نسميهم الآن بالذباب الالكتروني. فبعد ان اقتحموا ساحات التواصل الاجتماعي بعد حصار قطر، محاولين اغتيال اهدافهم اغتيالا اعلاميا على الاقل، فشلوا فشلاً ذريعاً بفضل الله سبحانه وتظافر جهود القطريين دولة وشعبا في التصدي لهؤلاء المجرمين، فتضاءل خطرهم وان لم يذهب غباؤهم، وكما زالت تلك الفرقة على يد جحافل المغول، فسيسلط الله على هذا الذباب من يكسحه ثم يكنسه مع من يقودهم. وختاماً ‏‎بالأمس ناقشت احدهم ممن كانوا يقولون "قطرائيل" كذبا وزورا، فانتهى النقاش معه بافتخاره بالتطبيع مع من كانوا يعايروننا كذبا بالارتباط بهم، فانظر وتعجب كيف يتقلبون كالذي يتخبطه الشيطان من المس؟!. ألم اقل لكم إنهم عبارة عن آلات غبية تم انتقاؤها بدقة لكي ينفذوا التعليمات فقط وبدون تفكير؟!.