18 سبتمبر 2025
تسجيلسيواجه الآباء خلال الأيام القادمة تحدياً ممتعاً في متابعة تعلم أبنائهم أون لاين، سيكون ولي الأمر معلماً محترفاً لأنه حريص على كفاءة استيعاب أبنائه المعارف والمفاهيم المقررة، وإتقانهم للمهارات المجدولة من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي. في رسالة دكتوراه نوقشت عام 2015 في جامعة لنكن بالمملكة المتحدة عنوانها أثر المشاركة الوالدية في رفع التحصيل الأكاديمي في المرحلة الابتدائية، عرضت عدة إستراتيجيات يستخدمها الوالدان مثل: •التواصل الفعال بين الوالدين والمعلمين لتبادل وجهات النظر حول تعلم الأبناء. • توجيه التعلم ذي الموضوعات أو المواد ذات الاهتمام المشترك بين الآباء والأبناء. • متابعة ورصد انتقال أثر التعلم في المواقف الحياتية العادية خارج حدود المدرسة. بالرغم من الانخفاض المنطقي المتوقع لمستوى المشاركة المباشرة بين المعلم خلف الشاشة والطلاب في منازلهم أثناء الحصة الدراسية الافتراضية، فإن ما يميز هذه المرحلة القادمة هو التقارب الوجداني بين الآباء والأبناء؛ فسيشعر الطرفان بالتفاعل الإيجابي، وسيتعرف الأب على المحتوى الحقيقي للتعلم، وسيأخذ الابن المعلومة من مصادر منوعة غير المعلم، وسيتحول جزء كبير من الوقت داخل البيت إلى أكاديمية مصغرة. أولياء أمور ذوي الإعاقة الذين كانوا ينظرون إلى المدرسة متنفساً تعليمياً وترفيهياً لأبنائهم سيكون العبء عليهم مضاعفاً في المرحلة القادمة في حال تم اعتماد التعلم الإلكتروني كما حدث في أواخر الفصل الدراسي الماضي، دورهم مضاعف في التهيئة والتعليم والمتابعة. قبل كورونا كانت بعض الأسر حولت البيت إلى مدرسة ثانية بعد الظهر؛ فالأم تراجع مع ابنها كافة ما تعلمه في المدرسة صباح ذلك اليوم، ويعاني معها الطالب من رتابة التعلم وثقل المسؤولية وعدم الاستمتاع بالحياة الطبيعية، والآن جاءت الظروف الحالية تحمل معها متطلبات جبرية مثل ضرورة الجهوزية الإلكترونية والتقنية للتعامل مع نمط التعلم الجديد. وأرى أنه من الجميل أن تعرض المؤسسات التعليمية بعض البرامج الإرشادية والتعليمية المبسطة للآباء كي يواكبوا ما يجب أن يقوموا به من متابعة لدروس أبنائهم. قبل كورونا كانت الأم تشارك ابنها الصغير في تجارب علمية منزلية مثل مفهوم التبخر والتقطير داخل مطبخ المنزل أو مثل زراعة حبوب الشعير ومراقبة نموها داخل حديقة البيت أو في آنية بلاستيكية أو فخارية، كانت تلك المشاركة نوعا من الإثراء العملي الجميل، إنما الآن فإن تلك الجهود تعتبر لازمة في ظل عدم تطبيقها داخل حجرة الصف أو المختبر المدرسي. قبل كورونا كانت خدمة الشبكة العنكبوتية نوعا من الكمال والترفيه الضروري لتشغيل قنوات التلفاز ومحركات البحث في أجهزة الكمبيوترات المنزلية والاستمتاع بالتواصل الاجتماعي عن طريق الأجهزة المحمولة الذكية، وحتى اللعب أون لاين، أما الأيام القادمة فإن وجود النت يعد ضرورة تعادل في تأثيرها ضرورة الكهرباء والماء في البيت، حيث التعلم عن بُعد، هذا التعلم الجديد الذي فرض نفسه على الأسر داخل البيوت زاد من أهمية أن تكون خدمة النت قوية ومستمرة. ثمة نقاط مهمة يجب أن يلتزم بها ولي الأمر مثل: • تعزيز قيمة الأمانة في تقديم الاختبارات القصيرة أو الطويلة، فالأب لا يساعد ابنه في حل الأسئلة أون لاين من أجل الحصول على الدرجة العالية، بل عليه أن يعزز في ابنه روح الاجتهاد إلى الدرجة القصوى، وترك النتيجة كما يكتبها الله له. • تعزيز قيمة الضبط والالتزام في حضور الفصول الافتراضية للتعلم، فالأب في سلوكه الواقعي وفي توجيهاته المباشرة يدفع ابنه للحضور الفعلي للحصة الدراسة، ولا يلجأ إلى تسجيل الحضور الصوري ويعقبها الانصراف بأمور أخرى ويترك اللابتوب مفتوحا على شرح المعلم دون وجود الطالب خلف الشاشة. • تعزيز قيمة التعلم الذاتي كي يصبح الطالب متعلماً مدى الحـيـاة؛ فلا بأس أن يسأل الأب ابنه – ولو كان بشكل مقصود ومتعمد - عن بعض المهارات أو المفاهيم التي يشعر الأب بصعوبة في تناولها، فيصبح التعليم والتعلم قناة تفاعلية حقيقية بين الأب وابنه، ويصبح الابن معلماً مما يزيد ثقته بنفسه كونه قدم شيئاً نافعاً لأبيه. الأب ثلاثي الأبعاد هو أب المرحلة الانتقالية القادمة القائمة على التعلم عن بُعد، كل التقدير والاحترام لأولياء الأمور الذين يقبلون التحدي ويتعاونون مع وزارة التعليم في تحقيق أحد أهداف الدولة، وجزى الله الوالدين بأفضل مما يقدمانه لأبنائهما. ◄ آخر المطاف: يقول الشاعر: يا يبه يا جعل روحي فدوه لموطى خطاك.. حطني بينك وبين الوقت وكبار الطعون.. دمتم بود. [email protected]