15 سبتمبر 2025
تسجيليا لعجبي منكم!.. فحينما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر المحروسة وسقط مبارك وعائلته، انطلقت الأهازيج وعمت الأفراح من صعيد مصر حتى قاهرة المعز وانتهت الثورة وإن لم تنته تبعاتها المؤلمة التي لحقتها من فوضى ودمار ومشاكل واحتجاجات أجهضت بنجاح ثورة المصريين وهذا ليس محل عجبي اليوم فكل ما يحدث في هذا البلد يجبرك على أن تمتثل للكلمة الشائعة التي تقول "في مصر.. مش حتقدر تغمض عينيك"!!.. فقد جاء "الرجل" طريح الفراش الأبيض ودخل قفصاً أشبه بقفص (الحيوانات) خشية أن يفر ربما!.. وحاول ولداه جمال وعلاء أن يقفا أمام عدسات الكاميرات لمنع تصوير والدهما وهو بهذا الشكل الذليل الذي لم ينقذه تاريخه العسكري والرئاسي من تجنب ما حدث من (مهزلة) قضائية لا تبيض وجه المصريين بأي حال من الأحوال رغم إصراري على محاكمة مبارك وأعضاء حكومته البائدة!.. فأنا وإن كنت من المباركين للمصريين بسقوط حكم مبارك إلا انني أنأى بنفسي أن أجرح حرمة وعظمة هذا الشهر الفضيل برؤية من يصر على ذلك بكل وقاحة وعنت فالوقت لم يكن مناسباً لتدور فصول هذه المسرحية القضائية فقد كان من القسوة فعلاً أن يأتي مبارك عاجزاً على سرير أبيض ويساعده الممرضون ويدخل قفصاً غير صالح للاستخدام الآدمي وحوله آلاف الشامتين الذين لم يتهيبوا لحرمة المحكمة ليعلو الصراخ ويعجز القاضي حتى على تهيئة جو المحاكمة فلمن كانت مصلحة أن تكون بداية حساب مبارك بهذه الطريقة العشوائية ومن الذي حاول أن يكون بطلاً أمام الشعب والقضاء في إظهار صور مبارك وولديه خلف القضبان على انه انتصار للعدالة وإثبات انه لا أحد فوق القانون؟!.. ومع هذا فقد كانت حرباً أخرى تدور خارج مقر المحكمة بين أنصار الرئيس المخلوع والذين أظهروا شماتتهم بصورة واضحة وفاضحة ليتأكد لنا ان مبارك لا يزال من الذين سيذكرهم التاريخ بالخير حتى وإن كان بالحبر الأسود!.. عفواً يا مصر.. ما الذي يحدث؟!.. أين ترتيب الصفوف وتطهير النفوس من مخلفات العهد البائد؟!.. لماذا بدأت محاكمة مبارك في رمضان تحديداً وفي نهاره أيضاً؟!.. من الذي أراد أن يتسلق فوق أكتاف الجميع ويهتف ببلاهة في جموع الشعب (أنا اللي جبت الديب من ديله)؟!.. لماذا بتنا نشعر بتعاطف تجاه مبارك وهو بهذه الحالة المخزية وأصبحتم أنتم في نظرنا القساة المجرمين؟!..لماذا ربط الشعب العربي وجه مبارك بوجه صدام حسين؟!..لماذا باتت العبارة المتداولة اليوم على صورة (القائدين) هي: (تباً لشعبين لم يقدّرا عطاءكما لهما )؟!!.. لماذا هذا الارتباط والتوأمة العجيبة بين مبارك بتاريخه وما يمكن إثبات سلسلة جرائم في حقه وبين صدام الذي لايزال حتى الآن أسداً في نظر الكثيرين رغم ان الأخير يلتصق بماضيه أشياء لا يتخيلها العقل؟!.. لماذا أصبح مبارك بطلاً في لحظة في نظر من كان يهتف في ميدان التحرير بسقوطه وتنحيه؟!.. لماذا ما زلتم غير مقتنعين باننا شعوب عاطفية يرحمنا عدونا ونسترحم أخانا أن يرأف به؟!..ومبارك بالفعل (كسر خواطرنا) حتى وإن بادرني إحدى الشامتين بقوله (ما ينكسرلكيش خاطر ياروح أمك )؟!!.. ربما لأن صدام أعدمه الخونة في صباح أول أيام العيد وهذا كان بمثابة صدمة فظيعة وعيدية ثقيلة أبكتنا بالفعل ومبارك اليوم يأتي في نهار رمضان حيث أوله رحمة وبكل قسوة يحاسبه من يجهل قانون المحاسبة وهذا يتمثل لنا كشعوب مسلمة ترتبط برمضان ارتباطاً روحانياً خارجاً عن أخلاق المسلمين وجرحه على النحو الذي رأيناه داخل وخارج مقر المحكمة!.. لذا سقطت مصر في أولى خطوات التغيير نحو إصلاح بيتها من الداخل إن كانت لم تحترم شعيرة الصوم ولا حرمة الشهر المبارك ولا التجهيز لمحاكمة ستثير غضب وعطف الملايين ما بين شامت مرتاح وعطوف معارض ويكفيكم وجه القاضي لتحكموا بأن المحكمة كانت مسرحية قضائية أضحكتني أكثر من مسرحية شاهد ما شفش حاجة فعلى الأقل أثبت عادل إمام في نهاية المسرحية انه رأى وسمع وشهد بالحق أما في محاكمة مبارك وعائلته فمن سيشهد بالحق ومن عليه أن يتملص من الشهادة ومن سيشهد زوراً ومن ومن ومن... سلسلة طويلة أمامنا لنشاهد ونضحك ولكني ولا أخفيكم أتمنى من رأس الأفعى سوزان مبارك والتي أظنها سبب دمار مصر أن تفي بوعدها وتهديدها في حال محاكمة زوجها وولديها بنشر سلسلة أشرطة جنسية لمسؤولين وحكام عرب لاكتمال صحيفة الفضائح!.. لا تستغربوا من أمنيتي هذه فربما استنسخت دولنا العربية مسرحيات قضائية مشابهة وحشرنا الكراسي العربية في أقفاص ضيقة ووفرت سوزان علينا أن نقوم بثورات عارمة تأخذ من قوتنا وصحتنا ما يمكن لشريط فضائحي أن يزعزع أي قصر رئاسي عربي! فاصلة أخيرة: حسبك يا رمضان!..لم العجلة؟! ما زلنا نستشف حلاوة مجيئك! ما زال بعضنا لاه في المعاصي! ما زال بعضنا يتمرغ في الذنوب! ما زال بعضنا يُحضـّر نفسه للتوبة! ما زال بعضنا يؤجل طاعته! ما زال بعضنا يفوت صلاته! ما زال بعضنا يجهر بمعصيته! ما زال بعضنا يصوم بدون صلاة! ما زال بعضنا يقاطع رحمه! ما زال بعضنا يجهل رمضان وعظمته! حسبك يا سيد الشهور!.. لم العجلة؟!