15 سبتمبر 2025

تسجيل

هل ستنقض الميليشيات على السلطة في العراق؟

09 يوليو 2016

بلطجة غير مسبوقة، وتهديد غير منطقي ولا مقبول ذلك الذي أعلنه صراحة زعيم عصابة أبي الفضل العباس الطائفية العراقية أوس الخفاجي، والذي هدد فيه صراحة حكومة حيدر العبادي المترنحة من أن عصاباته وعصابات العصائب لصاحبها ومتعهد حملاتها الدموية قيس الخزعلي، ستقتحم السجون العراقية وتباشر بنفسها عمليات إدارة وتنفيذ أحكام الإعدام بحق المتهمين الذين صدرت ضدهم تلك الأحكام ولم يتم تنفيذها بعد لأسباب قانونية وإجرائية! وذلك بعد التفجيرات الكبرى التي ضربت قلب العاصمة العراقية وسببت خسائر بشرية ومادية كبرى، وبحصيلة رهيبة قوامها أكثر من 600 إصابة بين قتيل وجريح، ما وفر ردود عصبية تراوحت بين قيام وزير الداخلية التابع لتنظيم بدر الطائفي محمد سالم الغبان بتقديم استقالته احتجاجا على التسيب الأمني والاختراقات الكبرى والفشل في تأمين أمن العاصمة! وبين تعهد رئيس الحكومة العبادي بسرعة تنفيذ أحكام الإعدام! وهي وصفة بائسة لعلاج وضع عراقي مستعص على الحل بسبب التداخلات الإقليمية والدولية والعقد الطائفية وطبيعة تفكير ومنهج الأحزاب الطائفية الحاكمة التي لم تستطع التخلص من عقلية المعارضة السابقة رغم هيمنتها على مسارب السلطة لأكثر من 13 عاما بعد الاحتلال التدميري الذي أنتج كل هذا الخراب الكبير، لقد أضحى واضحا للعيان منذ انبثاق فتوى الجهاد الكفائي وقيام تشكيلات ما يسمى بالحشد الشعبي الطائفي في العام الماضي، بأن الأوضاع باتت تتجه نحو محاولة فرض أوضاع (ثورية) تتجاوز العملية السياسية التقليدية وتنحو صوب منهج بناء دولة النموذج العقائدي المرتبط بأيديولوجية مذهبية تستند لروايات التاريخ ولصفحات معينة منه في تغذية نموذجها ووفق مخططات وزارة الحرس الثوري الإيراني التي لها النفوذ الأكبر والهيمنة المطلقة على جماعات وفرق الحشد التي تجاوز عددها الخمسين فصيلا مسلحا تدور جميعها ضمن فلك محوري ومركزي واحد هو الفلك الإيراني وقيادته المركزية في فيلق القدس للحرس الثوري، لقد سبق التهديدات الميليشياوية بممارسة الإعدام الفوري بحق المتهمين المدانين فعل إرهابي فاضح وقفت حكومة العبادي عاجزة أمامه، وهو قيام كتائب حزب الله العراقي بقصف صاروخي لمواقع المعارضة الإيرانية المقيمة في بغداد في قاعدتها الجديدة (معسكر ليبرتي) قرب مطار بغداد الدولي، ما أدى إلى هلع كبير وفوضى عارمة وسطوة مرفوضة على سلطات الدولة ومصادرة لدورها، وهو ما يعني في المحصلة الأساسية، أن الجماعات الطائفية المسلحة قد وجدت في تفجيرات الكرادة في بغداد والعدد الرهيب من الخسائر البشرية ضالتها في محاولة الهيمنة على مركزية السلطة وحتى القرار، وهو الأمر الممنوع دوليا ولكن من المحتمل وقوعه في ظل تخبط السلطة وعجزها الواضح أمام ممارسات وتهديدات قادة الميليشيات الذين يتحين بعضهم الفرصة للانقضاض على السلطة وبناء وإشهار مؤسسة الحرس الثوري العراقي التي تضع السلطة والحكومة تحت إبطها! الميليشيات مارست ولا تزال تمارس جرائم موثقة دوليا على أسس طائفية وارتكبت ضمن ردود الأفعال العصبية غير المدروسة تعديات على مخيمات اللاجئين العراقيين الهاربين من المعارك في منطقة الدورة جنوب بغداد، وهي اليوم بصدد الاستعداد لنقل تجربتها في معارك الشام وغربي العراق لقمة هرم السلطة في بغداد! فشعارات الثأر الطائفية المؤسفة تلعلع في سماء العراق لتنشر رايات الموت والدماء، والحكومة عاجزة عن السيطرة حتى على المجاميع المسلحة التابعة لأحزاب التحالف الوطني الطائفي، ونداءات الانتقام امتدت تأثيراتها لعمق السلطة عبر تحدي العالم والمنظومة القانونية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان عبر ارتكاب مجازر إعدامات انتقامية لن تؤسس لسلام ولن تردع الإرهاب، بل ستكون وقودا لعمليات رد انتقامية لن تتوقف أو تخف وتيرتها، فالدم يستسقي الدم، والحكومة عاجزة تماما عن خلق ظروف من شأنها تجاوز المحنة، لتشتت أطرافها، وللصراعات البينية الشرسة بينها، فمقتدى الصدر انتقد بشدة وزارة الداخلية محملا إياها مسؤولية ما يحدث من انهيار أمني وبكونها تنفذ أجندات خارجية! في إشارة واضحة وصريحة لإيران. والمخابرات العراقية في عصرها الجديد تحت إدارة الصحفي السويدي الجنسية مصطفى الكاظمي تبدو كالشبح! فلا لون ولا طعم ولا رائحة لها. والشكوك حول تواطؤ وتهاون وعجز المؤسسة الأمنية العراقية قد يدفع الميليشيات الطائفية لارتكاب حماقات تزيد الموقف اشتعالا. انقضاض الميليشيات على السلطة لو حدث فسيكون حدثا انفجاريا سينقل الصراع العراقي الداخلي لآفاق دولية مزعجة.. ما علينا سوى الانتظار والترقب!