14 سبتمبر 2025
تسجيلإن أيام العيد تجمع في طياتها الفرح والحب في آن واحد، وعيد الفطر الذي يأتي عقب صوم شهر رمضان الذي نزل فيه القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويَرى فيه المسلمون فرحة كبيرة منحها الله لهم، في أعقاب صوم شهر كامل قاموا فيه بعبادة الله بطرق مختلفة، منها تلاوة القرآن والصلاة في المساجد، أو بالذهاب إلى أداء مناسك العمرة، فيا فرحتاه لعبد خرج من هذه الأيام مغفورا له، ثم جاء عليه العيد ليفرح مع أهله وجيرانه، فإن الأعياد من خصائص المجتمعات والحضارات، وجزء مهم من نسيجها الثقافي، لذا عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وجد الناسَ يحتفلون بأيام جعلوها لهم عيداً فقال لأصحابه، إن الله أبدلكم بهم يومين يوم الفطر، ويوم الأضحى، أعياد فرح وسرور وتواصل ومحبة ومودة، فقد شرعت الأعياد في الإسلام لحكم سامية ولمقاصد عالية، فالعيد فرصة للفرح ولتقوية الروابط الاجتماعية، ولتجديد قيمة التواصي بالحق والتواصي بالمرحمة، فيا فرحتاه لمن وصل رحمه وتصالح مع نفسه، ومع الناس وطهر قلبه من الغل والحقد وامتلأ قلبه بالرحمة، فإن المناسبات السعيدة والأعياد تزيد من التواصل والتراحم وصفاء النفوس، فإذا كان هناك بعض الشوائب العالقة في علاقات الناس بعضهم وبعض، ففي مثل هذه الأيام المباركة يجد المسلم مجالا رحبا لنبذها والقضاء عليها، من خلال التقاء المسلم بأخيه، ومن خلال المودة والقرب بين كل أفراد المجتمع. فالعيد لأمة الإسلام يوم لباس وزينة وتجمل، وموسم سرور وفرح، ولذلك تجد الناس في العيدين يطعمون الفقراء حتى لا يبقى بيت أهله جياع، ولعل من فضل الله على المجتمعات الإسلامية، فوَا فرحتاه للناس الذين يخرجون زكواتهم ويزيدون من صدقاتهم في مواسم الأعياد، حتى يجد الفقراء ما يشترون به الجديد والأنيق من الثياب والملبوسات، فلا تحزن قلوبهم بتميز أحد عليهم أو بتخلفهم عن عادة عموم الناس، فقد تكرم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين؛ بأن شرع لهم الأعياد، ففي العيد تتجلى السلوكات الطيبة والأخلاق الحميدة، فيسارع الناس إلى تبادل التهاني بقدوم العيد، ويتصالح المتخاصمون، وتنعقد مجالس الحب والتراحم والمودة، وتزول الأحقاد من النفوس، فتتجدد العلاقات الإنسانية، وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والجود والكرم والتراحم والتعاطف، فإن هذا المعاني الاجتماعية النبيلة ينبغي علينا الاتصاف والتحلي بها، ومجانبة البذخ والترف، يأتي العيد ليكون مناسبة لطيفة كريمة تعود فيها البسمة إلى الشفاه والفرحة إلى القلوب، ويتجلى فيها كرم الضيافة وخشوع النفوس واطمئنانها بالشكر والحمد والثناء، وإسعاد الأقارب والأرحام فيزداد البر والصلة وتتقارب النفوس وتتآلف القلوب، فوَا فرحتاه لمسلم يغتنم أيامه ولياليه في طاعة الله تعالى، فيبقى له العمل الصالح الذي يصعد إلى الله، فيكون حجة له يوم القيامة يدافع عنه ويكون وسيلة لنيل أعلى الدرجات عند الله تعالى، وبمدى قربك لله تعالى وامتثالك أوامره والإذعان له بالطاعة في كل وقت وحين، والإكثار من الذكر لله تعالى في كل أوقاتك تستثمر أيامك في ذكر الله، والتقرب إليه، فما أفضل الطاعة لله تعالى في أيام مباركة، ولكن الأجمل والأحسن المداومة على هذه الطاعات والقربات والإكثار من الذكر والاستغفار وكثرة الإنابة إلى العزيز الرحمن، فمثل هذه الصفات الحسنة بين الناس في المجتمعات المسلمة تسهم كثيرا في توطيد أواصر المحبة والوئام بين الناس، فمن جملة البر والإنفاق الذي يعد من أهم ما يمتاز به المجتمع الإسلامي، الذي يقوي أواصر الترابط والتعاون، ويعد من أسمى منازل الرفعة والفضيلة فوَا فرحتاه بالتهنئة التي يتبادلها الناس، فيما بينهم والتصافح والتآلف والتآخي، ووَا فرحتاه بإدراك رمضان وبلبس الجديد وشهود الصلاة، واجتماع ودعوة المسلمين، ووَا فرحتاه بالتكبير والاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالصيام والإفطار، ووَا فرحتاه بتمام النعم واستكمال الشهر، ما يوجب شكر الله تعالى على نعمة الصيام والقيام، ووا فرحتاه لمن صام لأنه فرح عند فطره، وسيفرح عند لقاء ربه، فيا فرحتاه للصغار والكبار؛ لأن الفرح بذاته فطرة، ولذا فرحت عائشة رضي الله عنها في العيد، وقامت تنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون في المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم يتكئ لها لتنظر من ورائه، وذلك لإدخال السرور عليهم بفعلها، فلا يحسن بأمة أن تحتفل بما يغضب خالقها في يوم عيدها وفرحها، خاصة مع توافر النعم وكثرة المنن من الله سبحانه، المنعم المتفضل بكل حال والمستحق للشكر دوماً.