12 سبتمبر 2025

تسجيل

العشر الأواخر

09 يوليو 2015

إن أمتنا الإسلامية خير أمة أخرجت للناس تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير إنه لمجتمع إنساني راق متواد متماسك مترابط متعاون تقوم أركانه على منهجية الحب والألفة، يكرم فيه الإنسان وتحترم على أرضه الأخلاق تنتشر السماحة والود بين أفراده والتعاون على البر والتقوى والبعد عن كل ما يقطع أواصر المودة والمحبة وتسوده القيم الإنسانية العليا،فأيام الصيام والمسلم قريب من الله تعالى توقظ القلوب وتحي الضمائر ولا يؤتى هذا الصوم ثماره إلا بسلامة الصدور وطهارة القلوب وسخاء النفوس، فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فشهر الصيام هو شهر القرآن وشهر البر والإحسان يتقرب فيه المسلم بالطاعة فيربح هذه الأيام الطيبة ويكتب عند الله تعالى من الفائزين، فيكون الصيام شفيعا له يوم القيامة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فالصيام والقرآن يشفعان للعبد، فكل مسلم يستثمر وقته فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، فهو يحب الله تعالى فيسعى جاهدا في أداء الفرائض والبعد عن المنكرات ويحب الناس فيتخلق معهم بالأخلاق الحسنة ويعاملهم بالمعاملة الطيبة،فالمرء الصالح يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به، عندئذ هنيئا لهذا المؤمن الحق نعيم جنة التي فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.فكل منا يسعى بكل ما يملك من جهد وطاقة نحو رضا الله تعالى والسعي للفوز بجنة عرضها السماوات والأرض فيغتنم الأيام والليالي الطيبة في التزود بتقوى الله تعالى والعمل الصالح الذي يكون حصنا للمؤمن وأمانا له من النار فيقربه من الجنة ويباعده عن النيران، فشهر رمضان شهر مبارك خصه الله تعالى بمزايا عديدة عن بقية الشهور، فيه يغتنم المرء اللحظات في التقرب إلى رب الأرض السماوات فيفوز بعظيم الجنات، وإننا في هذه اللحظات المباركة نتاجر مع الله تجارة رابحة، الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف إلى سبعمائة ضعف، فالعاقل الذي ينفق ويعطى ويتاجر مع الله تعالى تجارة لن تبور، فهذه الأيام المباركة التي نعيشها أيام طيبة خصها الخالق سبحانه بالتكريم والتفضيل فهي خير أيام خاصة العشر الأواخر من رمضان التي نلتمس من خلالها ليلة القدر، فالذكريات كثيرة، صيام وبر وقرآن وذكر وطاعة وإحسان، فشهر رمضان أيامه كلها مباركة خصها الله تعالى بالتشريف، ومنهجية ديننا الحنيف تقوم على أواصر المحبة والبعد عن الضغينة ويظهر هذا عندما نعيش مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسكب في أسماع هذه الأمة أن المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، يعلم هذه الأمة الاعتصام بحبل الله المتين حتى لا تقع فريسة للضغينة وتتناولها السهام من هنا وهناك فتضعف قواها وتوهن عزيمتها، إنه لحق المجتمع الإسلامي الذي أقيمت أركانه على أسس شرعية سليمة قامت على مبادئ تربوية تحترم من خلالها الإنسانية وتشد من أواصر الأخوة والتعاضد،فهدي الإسلام هو الذي يدعو إلى المحبة والتواصل والتعاطف والعطاء والإنفاق حبذا في هذه العشر الأواخر،وهو الذي حرم التباغض والقطيعة والهجر وبين أن المتحابين المتواصلين لا تفرق بينهما الهفوات العارضات،ذلك أن عروة الحب في الله أوثق من أن تنفصم من أول ذنب يقترفه أحدهما، فإفشاء السلام وصلة الأرحام واطعام الطعام والانفاق في الصيام مدعاة للمحبة ومجلبة للمودة،فإن الهدي النبوي في سماحته وإنسانيته يوصي بالمودة بين الأقارب ويحث على صلة الأرحام،لهذا ينبغي علينا أن نكون ممن يصلون أرحامهم خصوصا في هذه الأيام الطيبة المبارك، فالإسلام حفي بالرحم حفاوة ما عرفتها الإنسانية في غيره من الأديان والنظم والشرائع، فأوصى بها ورغب في صلتها وتوعد من قطعها بعذاب أليم، فلنحرص على القرب من الله تعالى في هذه الأيام المباركة بنفوس راضية مطمئنة مما يدفعنا على بقاع المعمورة للعمل الصالح والتقرب إلى الله تعالى بفعل الخيرات والبعد عن المنكرات لعلنا نفوز بما أعده الله لعباده الصائمين من جنة عرضها الأرض والسماوات،فلا ينقي الصدور ويطهرها ولا ينتزع الحسد من النفوس إلا أخوة صادقة عالية تسود حياة المسلمين وتقوم على المحبة والتواد والتناصح والألفة والبشاشة ويطهرها من الكيد والغل والحسد والتباغض، فالصائم لا يسعه إلا أن يخفق قلبه بحب إخوانه وأخلائه ويقبل عليهم بقلبه ومشاعره، فإذا هو عنصر خير ووئام وبناء في دنياه والفائز برضوان ربه ومحبته في أخراه،فمن مقتضيات المحبة النصيحة والبر والوفاء،فتجده لطيف المشاعر مع إخوانه رفيقا بهم إلفا لهم مألوفا لديهم وهو في ذلك كله يستقي من توجيهات الإسلام التي تحض على مكارم الأخلاق.