15 سبتمبر 2025
تسجيلأصاب علماء المسلمين هذه الأيام حين نددوا بممارسات مجموعات مسلحة لبست لبوس الطائفية في حين تدعي مقاومة الطائفية، لأن المسلمين اليوم في أشد الحاجة إلى وفاق يتجاوز المذاهب ويتعدى الحدود ليوحد كلمتهم ويجمع شملهم ويقويهم على أعدائهم ويبلغ بهم ذات يوم موعود درجة تحقيق الخلافة في عالم صليبي صهيوني علماني (كلمة مكونة من عناصر البهتان وعداء الإسلام الثلاث من صليبية جائرة وصهيونية ظالمة وعلمانية عربية متطرفة)، هذا العالم المنافق الذي نشأ من رحم معاهدة سايكس - بيكو يوم 16 مارس 1916 ويسوده منطق العنصرية وتفوق السلاح واستغفال الشعوب العربية بالأراجيف من أجل تفريق صفوفها وتشتيت جهودها وتيسير تمزيقها إربا إربا حتى تنتهك أعراضها وتنهب خيراتها وتساق شعوبها إلى أسواق النخاسة العصرية وقبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها بعامين سنة 1916 شرع الأوربيون الاستعماريون بأيدي الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية في تدمير آخر حصن موحد للمسلمين المتمثل في خلافة الباب العالي بإسطنبول، فانهار ذلك الصرح أيضا بسبب سوء التقدير وتهافت الاستخراب التنصيري، فانفلق حب الأمة ونواها إلى دويلات (قومية) حرص المستعمرون القدامى على بقائها مجزأة عاجزة تابعة مغلوبة قابلة للفتنة الطائفية مؤهلة للتدمير إذا حاولت الخروج من بيت الطاعة. وفي نفس تلك العشرية بدأت الدول الأوروبية تجتمع وتتوحد وتحطم الحدود فيما بينها وتتحصن ضد المارد الإسلامي بالأسلاك الشائكة وبزرع الكيان الإسرائيلي في قلب المشرق بإحلال شعب دخيل مكان شعب أصيل ومع مرور الزمن وتخبط المسلمين شرقا وغربا توحدت أمة المسيح وشكلت ثلاث خلافات طاغية قوية هي الخلافة الأوروبية الكاثوليكية ذات السبعة والعشرين دولة اليوم والتي توصد حدودها على ما تسميه هي الهجرة السرية لأبناء الجنوب والمقصود هم المسلمون الذين شارك آباؤهم وأجدادهم في تحرير فرنسا وأوروبا من النازية كما شاركوا في بناء سدودها وطرقاتها السريعة وعماراتها السكنية وحفر أنفاقها والخلافة الأمريكية المسيحية الأنجليكانية ذات الخمسين ولاية والتي تولت قمع المسلمين وتعويض أوروبا في شن ما يسمى بالحروب الاستباقية وتعزيز قمع إسرائيل وضمان تفوقها العسكري وتأبيد الاحتلال الصهيوني لأراضي العرب ضد كل قرارات منظمة الأمم المتحدة منذ سبعين عاما والخلافة الروسية الأرثوذكسية ذات الثلاثين شعبا (لاحظوا يا قرائي الأفاضل أن شعب الشيشان المسلم منذ سنة 18 هجري على أيدي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم قمعه منذ القرن التاسع عشر على أيدي القياصرة ومقاومة بطله أسد داغستان القائد شاميل زعيم الثورة القوقازية الإسلامية (ولد سنة 1797 وتوفي سنة 1871 في مكة المكرمة، حيث أدى مناسك الحج وهو مدفون في مقبرة جنة البقيع، كما تمنى بجوار الصحابة الأبرار رحمه الله) ثم استكمل اضطهاد المسلمين زعماء الشيوعية البلشفية على مدى سبعين سنة، رافعين شعار (الدين أفيون الشعب) واستمر فيه قادة الكرملين ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي للقضاء على آخر نفس إسلامي بقيادة يلتسين وبوتين وخاصة محنة (غروزني ومقتل الآلاف من المسلمين الشيشان) منذ سنة 1990 إلى اليوم مرورا باغتيال جارٍ في قطر الشهيد سليم خان ياندربياف رئيس الجمهورية الشيشانية الأسبق في مدينة الدوحة يوم 13 فبراير 2003 بعد مغادرته الجامع، حيث كنا نؤدي صلاة الجمعة، من قبل عنصرين من البوليس السري للكرملين وضعا في سيارته قنبلة موقوتة آنذاك، رحمه الله رحمة الشهداء الأبرار. حين أستعرض الحقائق التاريخية ليقرأها الشباب المسلم ويعتبر بها، إنما لأذكر المتألمين اليوم على إزهاق أرواح ضحايا (داعش) ونحن منهم، بأن العنف الذي نراه وندينه بلا شك من فصائل مقاتلة تقتل بلا وازع، إنما هو عنف مندرج في دوامة دولية متكاملة لا يجب أن نفصل بعض حلقاته عن بعضها الآخر ومن هذه الحلقات ما لا نسمع به تنديدا أبدا، كالذي يجري في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث أكدت منظمات أممية بأن مائة ألف مسلم قتلوا وحرقوا أحياء على أيدي عصابات مسيحية إرهابية متعصبة خلال ثلاثة أعوام وكالذي يجري من سفك دماء السنة العراقيين والسوريين واللبنانيين بأعداد لا تحصى على أيدي حكومات غير منتخبة وطائفية أو على أيدي جماعات تشكلت للضرورة وبدون سابق موعد ولا تنسوا قمع المسلمين بأيدي الهندوس في ميانمار وحرقهم أحياء أمام عدسات الهواتف الجوالة (30 ألف ضحية خلال 3 سنوات حسب منظمة العفو الدولية) والوحشية التي يرتكبها المحتلون المستوطنون اليهود في أرض فلسطين، آخر حلقاتها إحراق الشاب بوخضير حيا ورمي جثته للكلاب، كما قتل الصهاينة الطفل محمد الدرة أمام عيوننا بالمباشر وهو في أحضان والده وقبله اغتيال الشيخ أحمد ياسين وهو يصلي الفجر وبعده الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، بلا أي تنديد من الخلافات المسيحية التي تطلق على نفسها اسم المجتمع الدولي !!!! إن العنف الذي ندينه اليوم من قبل (داعش) أو المنسوب إليها هو عنف عالمي اتسعت رقعته واستشرى شره في كل أصقاع الدنيا وتأكدوا بأن ضحاياه هم دائما من المسلمين لا غير وحسب منظمة الأمم المتحدة للاجئين فإن الأغلبية الغالبة من اللاجئين الضاربين في أرض الله هم مسلمون ومنهم منسيون تماما لا يعرفهم العالم، أمثال مليون لاجئ مسلم صيني من قبائل الأيغور (إقليم تشنجيانغ) وهات وهات من محنة الإسلام والمسلمين التي ينهض فيها البعض من شباب المسلمين بردة فعل غير رشيدة تحكمها العاطفة وحب الانتقام، مما دعا المجلس الإسلامي العالمي الأعلى والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وحزب التحرير، أن تعبر عن رفضها لإعلان (خلافة) ارتجالية وغير قابلة للبقاء وقائمة على طائفة مع إقصاء بقية الطوائف وهي مسلمة موحدة. الغريب أن محاولات كثيرة جربت لتوحيد الأمة لم توفق لأسباب عديدة، منها الأغرب التي لا يعرفها الشباب وهي النداء الذي توجه به الزعيمان الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة سنة 1966 وكنت حاضرا فيه بمدينة القيروان وأنا صحفي مبتدئ مراسل جهوي كنت أغطي زيارة الملك فيصل إلى تونس وإلى القيروان بالذات حين كان الزعيمان يؤسسان منظمة المؤتمر الإسلامي كرد فعل ضد انحياز جامعة الدول العربية للتدخلات الناصرية في شؤون العرب وعملها على زرع الفتنة في دول عربية صنفها القوميون الناصريون اعتباطا في خانة الأنظمة الرجعية!!! فكانت منظمة المؤتمر الإسلامي محاولة لتحقيق وحدة الأمة وأهدافها لا تختلف عن أهداف الخلافة على المنهاج النبوي والفشل كان ذريعا لأسباب لا يمكن اليوم استعراضها، لكن الوحدة الإسلامية ستظل وتبقى أمل كل المسلمين أيا سيكون شكلها وأيا سيكون باعثها، فنحن نعيش في عالم لا يضم سوى الخلافات الدينية الكبرى وأهلها يموهون علينا ويكذبون حتى أصبح بعض المسلمين يتهكمون على وحدة المسلمين ويعتبرونها كما يشاء لهم أسيادهم الذين غسلوا أمخاخهم، وهما من الأوهام وتطرفا إرهابيا!