12 سبتمبر 2025
تسجيلمن طينٍ خُلقنا، وبأمرٍ إلهي عظيم، إذ قال الخالق العظيم (كُن )، فكنا باستقامةِ البشر جسداً، وبوجود العقل فكراً، أكرمنا ونعّمنا فالحمد لربي الذي أكرمن. وفي الأرض، صرنا أفراداً وجماعات، بالعلاقات المختلفة، والعادات المتعددة، نعيش بالنعم التي أسبغها الله علينا، ووهبها لنا بلا حول منا ولا قوة، في المقابل نعيش أيضاً بالابتلاءات العظيمة، كنقصٍ في الأولاد والثمرات والأنفس ونسأل الله الصبر.. ولكن، ماذا لو كان الابتلاء في علاقات ذوي القربى؟! إن العقل هنا يتساءل مذهولاً ماذا حلّ بالأرض فتشابكت العلاقات في دائرة الشر المستطير.. أي هالةٍ تلفنا فلا نلتفت لقومٍ إلا وقد أصابهم وابلٌ من ذلك المرض الخطير.. ماذا حلّ بالأنفس، حتى ما عادت تتحمّل ودُ ذوي القربى فلا يُرضيها إلا قطيعة الرحم، تلك المتعلقة بعرش الرحمن، يصل من وصلها ويقطع من قطعها.. ثم إن أي غيمةٍ سوداء داكنة، حلّت فوق رؤوسنا لا تُمطر إلا بالسوء فتقطع شياطينها أرحامنا، وتوسوس في قلوبنا، وتُعاظم أحقادنا إلى الحد الذي لا يحترم صغيرنا كبيرنا، ولا يعطف كبيرنا على صغيرنا، ولا يرد السلام صوتاً..! وكيف لنا أن نأمن مكر الله ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون! كيف لو باغتنا الموت ونحن لم نصلُح ما بيننا بعد..! بأي وجهٍ نُقابلك يا رب ومن تعلقت في عرشك تستجديك.. أي جرأة تزجنا في الذنب وكل ما حولنا يصيح بنا (إن إلى ربك الرجعى) ألم نستحِ من لحظة كتلك نرجع فيها إلى الله! لعلي أؤمن إيماناً خالصاً أن (الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم) فلكي نُصلح مجتمعاً كاملاً، كان لزاماً علينا أن يبتدئ كل فردٍ بنفسه، فالتغيير أولاً يجب أن يكون في دائرة الذات قبل أن يتعدّاه إلى غيره.. و إن حدث أن غيّر الله ذواتنا إلى الأفضل، فلم يتغيّر حال من حولنا، فيكفينا من أنفسنا خيراً أن نوُدع رؤوسنا وسائدها وقد عفونا وصفحنا، فإذا اعتدنا على ذلك، سيأتي يوم أن نودع نفس الرؤوس القبور، بالعفو والصفح عينه، وما ذلك على الله ببعيد. لعلّنا نمتلئ يقيناً أن أمر ربي كله خير، وقد تختبئ وراء الألم حكمة لا تُدركها أذهاننا ولا بصائرنا، ولكن نؤمن بوجودها، تماماً كما نؤمن أن في نهاية كل كومة من اليأس عقدة تتدلى كُتب عليها (الثقة بالله ).. اللهم إنا نسألك المغفرة إن زللنا، والعفو إن أخطأنا، اللهم أصلح ذات البين منا، وانشر من عندك مودةً وسلاماً، فنجد من كان نداً ولياً حميماً.