15 سبتمبر 2025

تسجيل

فن إدخال السرور

09 يونيو 2018

مِن أرقَى الفنون وأجملها إدخال السرور على قلب أخيك المسلم، فهذا العمل عبادة فيها أجور كبيرة قَلَّما ينتبه لها الكثيرون بل يَقصُرون العبادة على الفرائض والنوافل، ولكن الأعمال الصالحة كثيرة ومتعددة وأفضلها إدخال السرور على مسلم.  فقد ورد عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً»، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. ولذلك أجاب به الْإمَامِ مَالِكٌ حِينَ سَأَلَهُ سَائِلٌ فَقَالَ: "أَيُّ الْأَعْمَالِ تُحِبُّ؟" فَكَانَ الْجَوَابُ: "إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا نَذَرْتُ نَفْسِي أَنْ أُفَرِّجَ كُرُباتِ الْمُسْلِمِينَ". إن إدخال السرور على الناس قيمة عالية من قيم هذا الدين العظيم، وقد رتب عليه الشارع الحكيم أعظم الجزاء وأوفره.  أيها الإخوة: إن الأعمال التي تُدخل السرور على الناس لا يمكن إحصاؤها أو عدها أو إجمالها، ولعلنا نذكر شيئًا يسيرًا منها: فمن ذلك: أن يكون المسلم دائم البِشْر، خافض الجناح، كثير التودُّد لعباد الله، يحاول ما استطاع التخفيف عن إخوانه آثار أعباء الحياة وصعوباتها وتقلباتها، فيسد جوعَ هذا، ويقضي دَيْن ذاك، ويسعَى على الأرملة والمسكين هنا وهناك -هذا إن كان يملك المال-، أو يسعى لدى الموسرين في ذلك، ويواسي المريض ويزوره، ويدعو له، ويُذكِّره بالأجر والعاقبة الحسنة، ويبشره بشفائه تفاؤلا بإذن الله، ويُدخل السرور إلى قلب كل مهموم ومكروب ومحزون. ومن صور إدخال السرور على الآخرين: الابتسامة في وجوههم؛ فهي شعيرة من شعائر الأنبياء، وسنة من سنن المرسلين، وصفة من صفات المؤمنين، ولغة سامية من لغات الحضارة البشرية، إن خير من مشى على هذا الكوكب، وأجمل من نظرت إليه الأعين، وألين من صافحته الأكف، كان أكثر الناس تبسُّمًا، قال عنه من رآه: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسُّمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «مَا رَآنِي رَسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- إلا تبَسَّمَ فِي وَجْهِي». وما أجمل هذا العمل في شهر رمضان حيث مضاعفة الأجور والأوقات المباركة.  فإذا تفقدتَ إخوانك المسلمين من حولك فأعنْتَ مُحتاجَهم بزكاة مالك، أو قضيتَ حاجةً لفقير، أو قدَّمتَ مساعدةً لمريض، أو جهَّزت لبعض بيوت إخوانك بعضَ الأطعمة اللازمة ومتطلبات المنزل، أو اشتريتَ كساءً وملابسَ له ولأولاده في هذا الشهر الفضيل، فتُدخِل السرور على قلوبهم وتُسعِدهم فسوف يرزقك الله أضعافَ تلك السعادة راحة وسعادة في قلبك حتى السؤال على جيرانك وأصدقائك يُسعِدهم ويَسرُّهم، فزيارة المريض والابتسامة في وجهه والتحدث معه يُخفِّف عنه أكثر من الدواء والعلاج  فاحرص أخي المسلم على هذا الخلق الجميل البسيط ربما لا يحتاج منك مالًا، ولا جهدًا، بل فقط روحًا صافيةً ووجها بشوشًا يُبشِّر بالخير ويُشعِر أخاك المسلم بالسرور والسعادة.  اللهم اجعلنا من أحسن المسلمين أخلاقًا، وأبشِّهِم وجوهًا، ووفِّقْنا لإدخال السرور على كل مسلم.