14 سبتمبر 2025
تسجيلعلى كل مسلم يؤمن بالله عز وجل أن يتَّصِف ببِرِّ الوالدين، أليسا سببًا في دخول الجنة؟! بل إنك لتندم ندمًا شديدًا إذا قُبض أبواك ولم يُكتب لك مغفرة من الله عز وجل، عليك أن تكون بارًّا بأبيك وقد تقدَّمَتْ به السِّنُّ، وقد ضعُف بصره، وقد خارت قُواه، وقد ضعُفت ذاكرته، وربما ضاقَ صدره، وبدأ يَكثُر حديثُه المكرَّر، بأن يبقى عندك معززًا مكرمًا مخدومًا، فهذا العمل من الأعمال التي يستحقُّ عليها الإنسان كلَّ إكرامٍ في الدنيا قبل الآخرة، فنحن ما رأينا إنسانًا موفَّقًا في حياته إلا بسببٍ وجيهٍ من بِرِّه بوالديه، فمن كان له أبٌ حيٌّ فليغتنم هذه الفرصة، إنها فرصة العمر، فرصةٌ لا تُعوَّض، وكذلك الأم التي أخذت تقيم جسدك بقوتها، ألم تكفَّ يدها عن طعامها لتُطعِمَك إياه؟! وسهِرَت في مرضك الليالي، ولم تتوقف عن الدعاء لك طوال حياتها؟! فمهما فعلْتَ لتردَّ لها بعض ذلك الجهد، فإنك لن تكون قادرًا على رد زفرة زفرَتْها وهي تنجبك. وقد قرن الله طاعةَ الوالدين بعبادته وهذا يدل على أهمية هذه العلاقة، ووجوب المحافظة عليها، وعليك أن تعلم أيها المسلم أن الأبناء في البِرِّ أنواع خمسة..أحدهم: لا يفعل ما يأمره به والداه، فهذا (عاقٌّ).والثاني: يفعل ما يؤمر به وهو كاره، فهذا (لا يؤجَر).والثالث: يفعل ما يؤمر به، ويُتبِعه بالمنِّ والأذى والتأفُّف ورفع الصوت فهذا (يؤزر).والرابع: يفعل ما يُؤمَر به، بطيب نفس، فهذا (مأجور)، وهم قليل.والخامس: يفعل ما يريده والداه قبل أن يأمراه به، فهذا هو؛ (البارُّ المُوفَّق)، وهم نادرون.فالصنفان الأخيران لا تسأل عن بركة أعمارهم، وسَعَة أرزاقهم، وانشراح صدورهم، وتيسير أمورهم، وذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِالسؤال الصعب لكل شخص أيُّ الأبناء أنت؟! (قبل أن تقبِّل رأس والديك) اسأل نفسك؛ ما هو البر؟!وفي هذا الشهر المبارك يكون البِرُّ أوجبَ، وعقوبة العقوق أشدَّ وأغلظَ، فاحرص كلَّ الحرص على بِرِّ أبويك وطاعتهما ما استطعت إلى ذلك سبيلًا؛ لأن عقوق الآباء يُعجِّل الله عقابَه في الدنيا قبل الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ الذنوبِ يُؤَخِّرُ الله منها ما شاءَ إلى يومِ القيامَةِ؛ إلاَّ عقوقَ الوالديْنِ، فإنَّ الله يعجِّلُه لصاحِبِه في الحياة قَبْل المَماتِ». رواه الحاكم والأصبهاني، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد".فربما رُدَّ إليك هذا العقوق في حياتك الدنيا، وهناك قصص كثيرة يُرَدُّ فيها ذلك العقوق بشكل عجيب، قبل وفاة ذلك العاق، وكأنه دَيْن ولا مفرَّ من سداده. فاحذر عقوقَ والديك وخصوصًا في هذا الشهر، واجعل قدمهما فوق رأسك، فتنجو وتفوز في الدنيا والآخرة.