02 نوفمبر 2025

تسجيل

بالمؤمنين رؤوف رحيم

09 يونيو 2016

لقد سطعت شمس الهداية الربانية عندما ولد مبعوث العناية الإلهية إيذانا ببدء ثورة شاملة، حررت الإنسانية قاطبة وشمل التغيير الأزمنة والأمكنة، ورفعت عن البشرية إصر العبوديات الباطلة والأغلال الكثيرة التي كانت تعوق انطلاقها جميعا، فأخذ الإنسان حريته بيده وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة فنمت عناصر الخير في كل شيء، فعندما كان احتجاجا قبليا على كل عناصر الخير، وقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدد خطواته نحو الأشرف والأفضل، ووقف المكان يحتضن وينبت الأروع والأنصع ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل، فإننا في شهر البركات والخيرات شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر الصدقات والإحسان، شهر تضاعف فيه الحسنات وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات وترفع فيه الدرجات وتغفر فيه السيئات وتفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتصفد فيه الشياطين ، شهر رمضان فضائله كثيرة فيجب علينا أن نستقبله بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه، والمسابقة فيه إلى الخيرات والمبادرة إلى التوبة النصوح من سائر الذنوب والسيئات وعن كل ما يؤثر على صيامنا من اللهو واللغو والعبث وارتكاب المحرمات لذلك ينبغي علينا أن نستغل كل دقيقة منه بالإكثار من الأعمال الصالحة، كتلاوة القرآن والذكر والصلاة والصدقة والدعاء وسائر العبادات.لقد شكلت شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم الرجل الذي اكتملت فيه كل الأخلاق الحميدة، وانتفت منه كل الأخلاق الذميمة، ولذلك خاطبنا الله تعالى بقوله: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)الأحزاب:21،والمطلع على سيرته صلى الله عليه وسلم يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة تقتدي بها، فإن التاريخ الإنساني على وجه الأرض لم يعرف عظيما من العظماء ولا زعيما من الزعماء ولا مصلحا من المصلحين استوعب في صفاته الذاتية والعقلية والنفسية والخلقية والدينية والروحية والاجتماعية والإدارية والعسكرية والتربوية ما استوعبته شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم، وما اختصه الله به من الكمالات التي تشرق في كل جانب من جوانبها وتضيء في كل لمحة من لمحاتها، حتى استحق أن يصفه الله عز وجل بالنور في قوله تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)المائدة 15،فهو صلوات الله وسلامه عليه جمع الفضائل كلها والمكارم جميعها والمحامد بأكملها،إليه ينتهي الخير وفيه تأصل البر وعلي يديه فاض النور وأشرقت الهداية، و به أنقذ الله البشرية وأخرجها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وهو الطريق الموصل إلى الله تعالى وإلى المقصد والغاية من الدين والحياة في أقرب وقت ، فطريق الله تعالى ونوره يجد فيه المرء بغيته من السعادة والرضا الإلهي ،وكل هذا الفضل والخير جاء على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشكاة السعادة والهدى يقول الله تبارك وتعالى : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )التوبة :128،فالأمة الإسلامية حينما تقتدى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إنما تقتدى بأعظم البشر رجولة وإنسانية وتقتدي بمن أحب الله سبحانه أن تقتدي به فالرحمة عند النبي تعمل عملها في إيجابية ويتتبع القلب الكبير- قلب محمد صلى الله عليه وسلم - كل الأسباب التي تجعل الرحمة حقيقة واقعة وسابغة ينعم بها كل إنسان ،والنبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنه رسول مسؤول عن رسالته لا يقف من العصاة موقف المتألي بل موقف الرؤوف الرحيم العزيز عليه عنتهم وعصيانهم الحريص كل الحرص على نجاتهم وسلامتهم ،فهو ليس عليهم بمسيطر ولا هو عليهم بجبار إنه إنسان يحمل تبعات إنسانيته نحو الخير والهدى.