26 أكتوبر 2025
تسجيلمن آفات اللسان الخطيرة، ومن شروره المستطيرة الكذب، وهو من أقبح هذه الآفات على صاحبه، ومن أسوئها أثرًا، وأشدها خطرًا، ولم لا؟ والكذب أقرب طريق إلى النار، وهو شعبة من شعب النفاق، بل النفاق أثرٌ من آثاره، وهو سبب محق البركة، وعلامة ذهاب الإيمان، وسبب الريبة والاضطراب والكذب خصلة ذميمة وصفة قبيحة وظاهرة اجتماعية انتشرت مع الأسف بين الناس في المنتديات والمجالس والعلاقات والمعاملات وقل أن يسلم منه الصغير والكبير والذكر والأنثى والناس فيه بين مقل ومستكثر إلا من رحم الله. حتى كاد الكذب أن يكون بضاعة التجار والأزواج والأولاد والكتاب والإعلاميين. والشخص الكاذب يذكر شيئاً غير حقيقي بنية غش وخداع الآخرين وهو مدرك لهذا ومتعمد لتحقيق هدف معين قد يكون ماديا أو معنويا من أجل الحصول على فائدة أو من أجل التملص من أشياء غير سارة.**أنواع الكذب، الكذب الخيالي هنا يستخدم الفرد خياله الخصب ولسانه للحديث عن شيء لم يحصل كأن يروي لأصدقائه تفاصيل رحلة لم يقم بها أو يتحدث عن صفات لا يتصف بها في الحقيقة والكذب الادعائي وهنا يبالغ الفرد في وصف مثلا تجاربه الخاصة ليحدث لذة ونشوة عند سامعيه وليجعل نفسه مركز إعجاب وتعظيم وينشأ عادة من شعور الفرد بالنقص أو عدم قدرته في الانسجام مع من حوله والكذب الانتقامي وأحيانا يكذب الفرد ليتهم غيره باتهامات يترتب عليها عقاب أو ما يشابهه ويحدث هذا بكثرة عند الفرد الذي يشعر بالغيرة من فرد آخر أو عند الفرد الذي يعيش في جو لا يشعر فيه بالمساواة في المعاملة بينه وبين غيره والكذب الدفاعي وهنا يكذب الفرد خوفاً مما قد يقع عليه من عقوبة وللتهرب من النتائج غير السارة لسلوكه وقد يكون سبب الكذب هنا هو أن معاملتنا للفرد إزاء بعض ذنوبه تكون خارجة عن المعقول والكذب العنادي حيث أحياناً يكذب الفرد لمجرد السرور الناشئ من تحدي السلطة خصوصاً إن كانت شديدة الرقابة والضغط وقليلة الحنان والكذب المرضي أو المزمن ويصل الكذب عند الفرد إلى حد أنه يكثر منه ويصدر عنه أحيانا على الرغم من إرادته بحيث يصبح ظاهرة مرضية مزمنة تحتاج إلى معالجة متخصصة.جدير بالعاقل أن يعالج نفسه من هذا المرض الأخلاقي الخطير، والخلق الذميم، مستهدياً بالنصائح التالية: أن يتدبر ما أسلفناه من مساوئ الكذب، وسوء آثاره المادية والأدبية على الإنسان وأن يستعرض فضائل الصدق ومآثره الجليلة، وأن يرتاض على التزام الصدق، ومجانبة الكذب، والدأب المتواصل على ممارسة هذه الرياضة النفسية، حتى يبرأ من هذا الخلق الماحق الذميم.**هناك ظروف طارئة تبيح الكذب وتسوغه، وذلك فيما إذا توقف عليه مصلحة هامة، لا تتحقق إلا به، فقد أجازته الشريعة الإسلامية حينذاك، كإنقاذ المسلم، وتخليصه من القتل والأسر، أو صيانة عرضه وكرامته، أو حفظ ماله المحترم، فإن الكذب في هذه الحالة واجب إسلامي محتم. وهكذا إذا كان الكذب وسيلة لتحقيق غاية راجحة، وهدف إصلاحي، فإنه آنذاك راجح أو مباح، كإصلاح بين الناس، أو استرضاء الزوجة واستمالتها أو مخادعة الأعداء في الحرب.قال الصادق عليه السلام : " كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا في ثلاثة : رجل كايد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا يريد بذلك الإصلاح فيما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئاً وهو لا يريد أن يتم لهم. "