18 سبتمبر 2025
تسجيلالمسلم الحق بحفظ لسانه فلا يتحدث إلا بخير ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش، لأن كلا منا مسؤول عن كل لفظ يخرج من فمه حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، فإذا أصبح ابن آدم فإن الجوارح كلها تخاطب اللسان وتقول اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا، فلا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، فما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان، فإننا في شهر رمضان المبارك هو شهر المحاسبة والرجوع إلى الله، وحري أن يقف فيه المسلم ليتفكر في حاله ويحاسب نفسه، فهو شهر القرآن والدعاء والذكر ومن الغبن الفاحش أن لا يجعل العبد لسانه عونا له على طاعة الله، وتحصيل الحسنات، وكسب الأجور، ورفع الدرجات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم) رواه البخاري، فأكثر الخطايا من اللسان، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أنه ارتقى الصفا فأخذ بلسانه فقال: يا لسان قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أكثر خطايا ابن آدم في لسانه) رواه الطبراني، فإياك وحصائد الألسن فمن دلائل الفلاح والكمال أن يمتنع الإنسان عن اللغو وعن مجالس السوء خاصة في شهر رمضان فيمتنع عن انتقاص الخلق والسخرية منهم، والكلام في أعراضهم والسعي بينهم بالغيبة والنميمة وفحش القول، فالمسلم في رمضان يصوم وتصوم جوارحه عن فعل كل محرم، يخاف الله، يرجو رحمته، ويخشى عذابه. لذلك يجب على كل مسلم امتلأت نفسه رضا وطمأنينة بروح الإيمان الندية وخالطت نفسه تعاليم الإسلام وهدايته السمحة، أن يعلم أن اللسان له تبعات خطيرة ربما تكون سببا لحتف الإنسان في المهالك خاصة وهو صائم حتى لا يضيع صيامه فهو يحفظ لسانه من كل سوء ومن اللعن والسب والشتم وما يكون سببا للقطيعة بين المسلمين، لذلك فهو عنها بعيد جدا وإنه ليزداد عنها بعدا كلما تبدت له الأسوة الحسنة مجسدة في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم تصدر عنه كلمة واحدة تخدش سمع السامع، أو تجرح شعوره أو تمس كرامته ويبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذروة في اجتثاث عوامل الشر والحقد والعدوان من النفوس حتى يصور للمسلمين المصير الأسود الخاسر لمن أطلق لسانه في أعراض الناس، فإذا بتلك الشتائم الجوفاء والقذف الأرعن والاعتداءات البشعة الرخيصة التي بدرت منه ذات يوم تأتي على كل ما جناه في حياته من حسنات وترده مفلسا خالي الأعمال من كل عاصم يعصمه من النار يوم الحساب الرهيب، فأهل الاعتدال وهم أهل الصراط المستقيم الذين ساروا على هدي الإسلام وتعاليمه فقد كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الدنيا والآخرة.