13 سبتمبر 2025

تسجيل

مزامير الديمقراطية العربية

09 يونيو 2014

مرت الديمقراطية العربية بالكثير من المطبات الهوائية، التي أثرت عليها واقتلعت أشجارها، وذاك ملاحظ بصورة أكثر وضوحا منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، وحتى هذه اللحظة، وفي واقع الحال لم يكن مفهوم الديمقراطية راسخا في عقل المواطن العربي بل ظل يراوح ما بين المد والجزر السياسي والاجتماعي، فحينا يكون ظلها باردا وعليلا وأحيانا أخرى تكون شمسها ساخنة وحارقة.تلك الحالة غير المستقرة تؤكد وتشير لمفارقات في المفهوم السياسي للديمقراطية وشروطها واستحقاقاتها، إلى أن وصلنا إلى الحالة الراهنة التي أنتجت ثورات الربيع العربي في إطار الحراك السياسي وحاجة تلك الشعوب لها، فظهرت تبعا لها ما يمكن أن نطلق عليه مزامير الديمقراطية والتي جابت أغلب البلاد العربية، وكانت وما زالت لها أصواتها المسموعة، غير أن تلك المزامير افتقدت الإيقاع المتجانس، فاستمر العزف العشوائي دون استخدام النوتة الموسيقية التي تجعل المعزوفة أكثر انسجاما وتأثيرا فتريح النفس وتبهج الخاطر، وهذا يبدو واضحاً في ظل التخبط الديمقراطي الذي تعيشه بلدان الربيع العربي.إن مزمار ديمقراطية الثورات العربية ليس بيد ثوارها بل بيد الساسة الذين يمتلكون أدوات اللعبة السياسية، وخير دليل على ذلك العراق وغيرها من بلاد الثورات العربية، ولذلك يصبح أولئك الثوار بمثابة بيادق شطرنج في لعبة أكبر من طموحاتهم وغاياتهم، وهم كالذي يلف في دائرة مفرغة أو يدور حول نفسه، فيتحرك ويتحرك إلى أن يسقط في نقطة البداية، ولا أريد أن أبدو متشائما أو غير متفاعل مع الحقوق الشعبية والوطنية، ولكن فكرة الثورة غير جديرة بواقعنا لأننا في الواقع غالبا ما نخدم أجندة غير أجندتنا، وبالتالي يصبح مثل هذا السلوك السياسي إهدارا لاستقرار الأوطان. بالتأكيد لم تعد أهداف الثورات كما كانت عليه الآن، ودخلت تلك الدول دوامات من العنف وعدم الاستقرار تحطم تلك الصورة المثالية للديمقراطية، وبالتالي فالخيار الأنسب للحصول على أي حقوق تتعلق بالحياة الكريمة التزام الحراك السلمي للتعبير عن الرأي دون أن يرفع الثوار المتحمسون شعار "أنا ومن بعدي الطوفان"، أي تغيير لأجل التغيير والسلام، ذلك ضار بسلامة الأوطان ولن يحقق هدفا أو يصل الى غاية، والحصاد يمكن التماسه في كل البلاد التي اكتوت بالثورات التي تحولت إلى هيجان عاطفي في واقع سياسي لا يعترف بحركات لا هدف لها.