12 سبتمبر 2025
تسجيلشهدت منطقة الدوكلاندس في لندن قبل أيام قليلة حدثاً تاريخياً يهم قطاعات كبيرة من أبناء أمتنا البواسل، ففي ذلك اليوم دخل النيوزيلندي ألن جيبس التاريخ باختراعه الجديد، وجيبس هذا ديبلوماسي متقاعد، ولم يفعل ما يفعله جماعتنا الذين يعتقدون أن التقاعد يعني اكتساب المهارات في طاولة الزهر والدومينو والبلوت والكنكان، وتخصيص سبع ساعات يومياً لسب الدهر الذي حرم الوطن من خبراتهم وسلم مقاليد الأمور في الوزارات والشركات لشباب «طائش لا يعرفون كوعهم من بوعهم»! بالمناسبة فإنني لم أقابل قط شخصاً يعرف كوعه من بوعه، وعلى وجه الدقة لم أجد من يعرف ما هو البوع! وسألت القراء مرارا أن يدلوني أيضا على موقع الكراديس في الجسم، في قولنا إن فلان ضخم الكراديس، وما هو مفرد كراديس؟ كردس؟ وهل يجوز ان نقول عن فلان إن لديه كردس ضخم وآخر هزيل؟ على كل حال فإن النيوزيلندي جيبس كرس سبع سنوات من عمره، ونحو 30 مليون دولار استدانها من مختلف المصادر، لتصميم أول سيارة برمائية حقيقية قابلة للتداول والتسويق؛ والسيارة التي تحمل اسما طويلا يسبب نطقه التهاب الأذن والأنف والحنجرة، وهيجان القولون، يرمز إليها اختصار بـ «اتش. أس إيه» وتعني المركبة البرمائية فائقة السرعة، وهي قادرة على السير في الطرق العادية بسرعة 180 كيلو متراً في الساعة، ثم تدخل بها الماء وتضغط على زر معين، فتنسحب العجلات والإطارات إلى أعلى، ويقوم جهاز نفاث بشفط الماء ودفعه خارجاً بقوة تجعل المركبة تتهادى كالعروس ذات فستان الزفاف طويل الذيل، بسرعة 50 كيلو متراً فوق الماء. والسيارة ليست بها أبواب، وجسمها كتلة واحدة متماسكة منعاً لتسرب الماء إليها، مما يعني أن ركوبها يستوجب القفز فوق حوافها للجلوس بداخلها، يعني إذا كان مقاس خصرك أكثر من 36 بوصة فانس الموضوع!! وتخل عن التطلعات البرمائية!! (للمرة ال87635242 يا جماعة لا تكتبوا «لا تنسى ذكر الله»، في سياراتكم بل «لا تنس ذكر الله»، فاللام حرف جزم ولا يقبل حروف العلة في آخر أي كلمة يدخل عليها، وإذا لم تكن تعرف حروف العلة، فأنت تعاني من علة لغوية، وليس عليك من حرج أكثر من ذلك). يعني من حيث التصميم فإن السيارة البرمائية شبابية ولا تكلف أكثر من 85 ألف دولار (يا بلاش)، وتخيل أنك في العاصمة القطرية، الدوحة على متن سيارتك «اتش أس إيه»، وكنت تلف بها بسرعة جنونية لتثبت أن الأرض كروية، وطاردك شرطي مرور، كل ما عليك في هذه الحالة هو أن تبتسم في وجهه، وتنطلق صوب البحر في اتجاه إيران مثلا؛ طبعاً ليس من الوارد أن يكون هناك تنسيق بين شرطة المرور في البلدين! ولكن ومن باب اللعب ع المضمون وحتى تتفادى الشرطة في البلدين عليك أن تقود سيارتك إلى منتصف المسافة بين البلدين، أي تقف في المياه الدولية ولن يتجرأ أي شرطي من الاقتراب منك لأنك ستصبح سائق أوفشور، وهب أنهم تآمروا عليك و»صادوك» وأنت في عرض البحر! ولا يهمك! لن يستطيع الشرطي أن يسجل لك مخالفة بتهمة قيادة السيارة داخل الماء لعدم وجود مادة في القانون تمنع ذلك!! هل سمعت عن مركب سجلوا عليه مخالفة إشارة أو سرعة أو «تخطي من اليمين»؟ وبالمناسبة هل تعرف أنه لا توجد أي مادة في أي قانون للمرور في أي بلد عربي تمنع قيادة دبابة في الطريق العام!! القانون مليء بالثغرات وفي ذات عام كانت هناك محاولة انقلابية فاشلة للإطاحة بحكومة جعفر نميري في السودان وبعد قمع المحاولة تم فرض حظر التجوال منذ الساعة السادسة مساء، وحتى الخامسة صباحا، وفي نحو التاسعة مساء عثر الجنود على محام معروف مستلقياً على الحشيش في الحديقة المقابلة للقصر الجمهوري في الخرطوم وصاحوا في وجهه: يا زول.. أنت ليه قاعد هنا؟ مش عارف إنه في حظر تجوال؟ فقال لهم بكل برود: عارف... ولكنني راقد ولا أتجول. [email protected]