13 سبتمبر 2025

تسجيل

توظيف السياحة في مكافحة الإرهاب

09 مارس 2015

السياحة الحديثة أصبحت صناعة وعملية متطورة تواكب كثيرا من المتغيرات التي تدعم أي اتجاه لجذب السياح وإنشاء بنيات تحتية متقدمة تلبّي تطلعات الزوار ورغبتهم في استكشاف البلد الذي يزورونه، وذلك يفرض جملة سلوكيات إنسانية تعكس هوية أهل البلد والقيم الحضارية والثقافية لهم ولبلدهم على السواء. وقد لفتت نظري أخيرا استعدادات أمانة محافظة جدة خلال إجازة منتصف العام 1436هـ، من خلال زراعتها لأكثر من 250 ألف زهرة في مختلف شوارعها، كهدية للزوار، وهي لفتة لها كثير من الدلالات التي تعكس ترحيب أهل جدة التي تعرف بعروس البحر بزوارها، ولعل من أبسط ما يمكن تقديمه أن تمنح الوافد إلى البلد زهرة لها كثير من التعبيرات العاطفية العميقة في نفوس أولئك الزوار.تقديم زهرة سلوكا سياحيا مهما يضاف إلى غيره من السلوكيات التي يجب أن يراعيها أهل أي بلد يجتهد سياحيا لاستقبال واستضافة الزوار، وحين يكون أول الحضور بزهرة، فإن ذلك يعتبر مدخلا رفيعا وشفيفا إلى البلد وقلوب أهلها، وفي الواقع لدينا في منطقتنا العربية ثراء سياحي واسع باعتبارها أرض حضارات وثقافات يفد إليها العالم سنويا، وذلك يفرض علينا أن نتعامل مع الآخر بأريحية وبشاشة تجعلهم يحسنون تكوين صورة ذهنية إيجابية طوال فترة إقامتهم، بحيث تتملكهم الرغبة في العودة مرة أخرى إلى بلادنا.السياحة أصبحت قلوبا ووجوها منفتحة ومستبشرة تتعامل مع الضيوف بأرقى السلوكيات الإنسانية في الضيافة والكرم، ولذلك نحتاج لمسات جمالية كتقديم مثل هذه الزهور، لأن كثيرا من شعوب العالم يختزنون صورة نمطية سلبية عن مواطن الخليج تحديدا وكأنه برميل نفط أو صراف بشري متحرك، فيما لدينا كل الخصال التي تجعلهم يألفوننا وتساعدهم في التعرف على ثقافاتنا وحضاراتنا وتاريخنا العريق بعيدا عن الكتب والصور.وفي وقت تزداد فيه الحياة من حولنا خشونة من خلال أعمال الإرهاب والتطرف، فإنه يمكن للسياحة أن تمارس دورا حضاريا كبيرا يؤكد أن ذلك استثناء وليس قاعدة في نمط حياتنا وسلوكنا الإنساني، ولذلك من المهم أن نرتفع بمعدلات الوعي والنشاط السياحي واتخاذه بصورة إستراتيجية كمشروع لمسح الصورة المأساوية لما يحدث في منطقتنا، فالطبيعة والأرض التي تنتج جمالا إنسانيا كالذي يوجد لدينا لا يمكن أن تكون بهذه الصورة المتطرفة والصادمة.