13 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف نصمت؟!

09 مارس 2013

يكتب لأنه يملك ثروة كبيرة يريد أن يُبددها أو يقامر بها، ثروة من آمال وآلام الناس وتجاربهم وانكساراتهم وأحلامهم ومحبتهم. ربما يملك عمودًا في جريدة وليس برجاً من الأسمنت. حلماً ببلدٍ شاسع آمن، يمتد من قلمه إلى رؤاه، ترتع فيه الغزلان والفراشات والأطفال، وينام فيه المسؤول تحت شجرة مطمئناً لأنه عدل، فأمِن، فنام. يملك الكاتب شيكات من ألم الشباب وطموحاتهم، كيف سيصرفها يا ربي، ومن أيّ بنك؟! فعل الكتابة يا أصدقاء يشبه لجان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، وأحياناً يُحيل الكاتبة فيّ إلى «ثلجة بيضاء» وأقزامها السبعة، ويُحمّلني شقائق النعمان في سلة «ليلى والذئب»، لأكتشف بعد حين أن الإبداع لا يُزيّن صاحبه بقدر ما يُزيّن نفسه، أليس إبداعاً؟! فهو عندما يخرج من يد الكاتب يُصبح مِلكاً لقارئه. لذلك نخاف كثيراً على فراشات حروفنا وعصافير أفكارنا ونحن نرسو تحت مظلة الأنواء والضغط والما بعد.. قد يكون هناك من لا يعجبه صوت الكاتب وهو يئن ويُفضّل عليه شخيرا مسالما نائما أو هذرمة منافق مدّاح. كيف لا نكتب ونحن خريطة من دماء، الأهل من أمامنا والعالم من ورائنا والى أين المفر؟! كيف نصمت؟! وإذا سُئلنا بماذا نُجيب؟ ماذا نقول لأسئلة الأطفال المفترضة؟! هل نقول لهم بأننا كنّا نُقلّب التربة وننزع الأشواك؟! نرفع السور حتى لا يأتينا الغرباء على خيولٍ من حديد؟! نرفع الأسقف بالأيدي الطيبة ونُركّب أحداقنا لزجاج النوافذ؟! نُمهّد الطريق حتى لا نحتاج إلى خارطة طريق؟! وإذا اقتنعوا أننا لم نكن نفعل ذلك وحسب إنما كنا كشجرة الصندل التي تُعطي شذاها لليد التي تقطعها، كيف عسانا أن نُجيب إذا سألونا: لماذا هدموها على رؤوسنا الصغيرة إذن؟!