12 سبتمبر 2025

تسجيل

وطن على حدود الدول

09 فبراير 2015

ماذا يريد المثقف العربي، دولة أم وطنا؟! قبائل وشعوباً أم أمة؟! إن مصطلح «الأمة» يأتي من الأم التي يتشكّل في رحمها الأجنّة برهافة وحصانة، هذا التشكّل الداخلي عبر الزمن بعمق ترابها وعلى أرضها بالذات هو الأمّة. همٌّ واحد أدّعي أنه يجمع المثقفين الوطنيين ويشغلهم عن قرب وعن بعد، ألا وهو آلية نهوض جديدة نحو وطن حداثيّ لا دماء فيه ولا إقصاء. فالدول تستطيع أن تبني ذاتها بكل الطرق العلمية التقنية وتستطيع أن تقدم لشعوبها معظم مغريات وأدوات العصر، لكن هل تستطيع أن تبني وطنا لا يطوُله مستعمر ولا محتل؟! الوطن بقاء وحداثة لأنه ضد القُطْرية الضيقة وضد التشظي والفئوية، وهو ليس مؤسسات وتقنيات لأنه ليس دولة بل وعيٌ كلّي بالمفهوم الأسمَى للدولة وبضمانة وحدوية مشتركة لكافة أبنائه من أجل بقاء متجدد ومستمر. قد يقول قائل: ما همّنا ما دامت شعوبنا تعيش بحبوحة ورغد العيش؟! وهذا بالنهاية مُراد ما تطمح إليه الدول بمكوناتها ومؤسساتها.. ونحن نقول: ما هو العمر الزمني المفترض للدول وما هو عمر الوطن؟! لقد هرعنا إلى التصنيع والعمران وتحديث الإدارة والاقتصاد والانخراط الغريزي في السائد على حساب الوعي. ما يؤدي بدوره إلى ابتلاع المثقفين الأحرار الفاعلين وينتزعهم من حضن أوساطهم لتعبئتهم في خدمة المؤسسات أيّا كانت دينية أو علمانية.. وهذا بدوره يؤدي إلى تقويض الانتماءات الثقافية والحريات الشخصية بحيث تصير الجماهير كما يقول (تورين) عبارة عن جمهرة تخضع وتصفق وتطيع الأوامر وهذا ما يسمى بالشمولية. لقد انتقلت أوروبا من الإقطاع الى العصر الحديث عبر مجموعة من الثورات المصيرية، فهل نقتدي بالمهمات التي حققتها؟! أخشى أنه لا اقتداء بلا تجربة ، لكن ألا نستطيع تخفيف هذا الثمن من الدم والتطرف؟!