29 أكتوبر 2025

تسجيل

مأزق معركة الموصل القادمة

09 فبراير 2015

في العراق اليوم تدور رحى معارك صامتة وخطيرة على صعيد تقرير الإرادة أو حسم الملفات، أو محاولات لرسم خارطة طريق عراقية جديدة قد تعيد التوازن للعملية السياسية الكسيحة التي وصلت لوضع مأساوي مع زيادة الانقسام المجتمعي والطائفي والذي ينذر بنهايات مريعة لإدارة الصراع في العراق، ولعل أهم الملفات الساخنة في العراق اليوم هو ملف الاستعدادات الجارية لاستعادة الموصل والمناطق المحيطة بها من أيدي تنظيم داعش، وهو الملف الذي فشلت حكومة نوري المالكي السابقة في إدارته بعد هزيمتها المخجلة والمريعة في العاشر من يونيو2014 وما نتج بعد ذلك من انهيار عسكري وأمني كانت نتيجته تنحي نوري المالكي ووصول رفيقه في حزب الدعوة حيدر العبادي في عملية تبادل سلطوي شبيهة بانقلاب سياسي، فالعبادي حاول منذ لحظاته تسلمه الأولى للسلطة التخلي والتخلص التدريجي من التركة المالكية الثقيلة التي بددت مئات المليارات من الدولارات في بناء جيش وهمي فضائي عامر بملفات الفساد والإفساد والرشاوى وقلة الكفاءة بل انعدامها، والمالكي ترك الحكومة بعد أن أدخل العراق بسياساته الطائفية في هوجة حرب طائفية متنقلة لا تخطئ العين الخبيرة أبداً قراءة نتائجها التراكمية الرهيبة ليس على المستوى العراقي فقط بل على المستوى الإقليمي، إعادة بناء المؤسستين الأمنية والعسكرية في ظل أحوال التطاحن الداخلي وتمدد التنظيمات المسلحة وتوسع الدور العسكري الإيراني والميليشيات الطائفية المرتبطة به أمر ليس بالسهل في ظل أشرس أزمة اقتصادية طاحنة يعيشها العراق ومع انقسام مجتمعي غير مسبوق!، وعملية إعادة تحرير الموصل ومحيطها وضمها من جديد لسيادة السلطة العراقية لها أولويتها وأهميتها القصوى ضمن حسابات إدارة الصراع الداخلي ولكن يبدو ووفقا للمؤشرات الأخيرة واستنادا للتصريح الاستخباري الأمريكي الذي يؤكد باستحالة قدرة القوات العراقية على دخول المعركة في ظل أوضاعها الحالية، وإن المعركة تتطلب الوجود الميداني لأكثر من 100 ألف جندي أجنبي!! بأن معركة الموصل لن تكون قريبة أبدا؟ وإن هنالك مفاوضات سرية مع قيادة داعش لسيناريوهات انسحاب مدفوع الثمن؟ ولكن الأخطر من كل شيء هو ما تأكد لدينا من مصادر قيادية في حزب الدعوة الحاكم بأن هنالك 55 ضابطا عراقيا ميدانيا برتبة عميد قد كتبوا رسالة لحيدر العبادي القائد العام للقوات المسلحة يعربون فيها عن رفضهم الصريح للتقدم نحو الموصل واستعادتها من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية بسبب عدم رغبتهم بالخضوع لأوامر البيشمركة الكردية وخشيتهم من الغدر!!، إضافة إلى أن العمل في محيط الموصل يعني العمل في بيئة معادية!! وهو ما يجعلهم يرفضون بالكامل قيادة العمليات وقد أعرب العديد من القادة عن وضع استقالاتهم بتصرف القائد العام؟ وهو ما يعني بأن كل التصريحات التي أطلقها العبادي حول قرب تحرير الموصل إنما هي أمنيات أكثر من كونها وقائع! كما أنها للاستهلاك الإعلامي فقط فالرياح باتت تجري بما لا تشتهي السفن!! يضاف لذلك كله أن تجاوزات الحشد الشعبي في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وقيامهم بقتل العديد من المواطنين العراقيين السنة بذرائع وهمية وبتبريرات واهية قد رسمت خطوطا دموية على الرمال العراقية وجعلت من الحساسيات الطائفية عنصرا مركزيا في تقرير طبيعة العمليات المستقبلية، فالأوضاع الاقتصادية والنفسية للمؤسسة العسكرية العراقية لا تتحمل أي عمليات عسكرية واسعة النطاق؟ ثم إن قوات التحالف الدولي والجانب الأمريكي خصوصا قد أعلن سابقا بأن المدى الزمني لعمليات القضاء على داعش قد يستغرق 5 أعوام ولربما أكثر؟، إذن الاستعجال الحكومي العراقي لا يعبر عن مواقف حقيقية ونهائية، والجانب الكردي بدوره لا يسمح أبداً بأن تتحرك قوات الحشد الشعبي من دون إشراف وقيادة البيشمركة وهو الأمر الذي يرفضه الحشد ويرفضه حتى الجيش العراقي؟ فالعملية معقدة وذات أبعاد طائفية وعشائرية ونفسية، وأي هزيمة عسكرية عراقية جديدة تعني تشرذم العراق وتفجره من الداخل وبما ينعكس على الأمن الإقليمي العام! خيار المفاوضات الكواليسية هو الأرجح في وقت تكون فيه الأصابع على الزناد...؟ تطورات ساخنة سيعيشها العراق خلال الأيام القادمة!.