المباني الخضراء (1)

ينبغي معرفة المقصود بالعمارة الخضراء، ليس فقط إقامة المباني وفق شروط بيئية معينة أو زيادة المساحات الخضراء، إنما المقصود تحقيق التوافق بين الإنسان ومجتمعه وبيئته من خلال الربط بين ثلاثة عناصر أساسية، كفاءة استخدام الموارد، التعامل الأمثل مع الظروف المناخية والجغرافية والاجتماعية السائدة، والاستجابة للاحتياجات البشرية المادية والاجتماعية السائدة، مع الحفاظ على حقوق واحتياجات الأجيال القادمة. فالعمارة الخضراء أحد الاتجاهات الحديثة في الفكر المعماري، والذي يهتم بالعلاقة بين المباني والبيئة، ومن أهم المؤلفات في هذا المجال، كتاب العمارة الخضراء green architectur والذي قام بتأليفه كلا من برندا وروبرت فال، وفيه يقومان بتعريف المدخل الأخضر للبيئة المبنية على أنه مدخل شمولي لتصميم البناء، حيث إن كل الموارد في صورة المواد أو الطاقات يجب أن تحقق العمارة المستدامة أو المتواصلة. وفي وجهة نظر البعض فإن العمارة الخضراء منظومة عالية الكفاءة تتوافق مع محيطها الحيوي بأقل أضرار جانبية، فهي دعوة إلى التعامل مع البيئة بشكل أفضل ومتكامل، تسد أوجه نقص أو تصلح عيب أو تستفيد من ظواهر هذا المحيط البيئي ومصادره. ومن هنا جاء وصف هذه العمارة بأنها خضراء مثلها كالنبات الذي يحقق النجاح في مكانه، حيث إنه يستفيد استفادة كاملة من المحيط المتواجد فيه للحصول على متطلباته الغذائية، فالنبات كلما زاد عمراً ازداد طولاً، فهو لم يخلق مكتمل منذ بدايته حتى يصل إلى مرحلة الاستقرار، ومن هذة الناحية بالذات اقترن اسم العمارة الخضراء بمرادف آخر وهو التصميم المستدام sustainable design. وبدأ في الستينيات من القرن العشرين العودة وبقوة للمناداة بحماية البيئة والطبيعة، كما بدأ الاهتمام يتزايد بفكرة المنزل الصحي ودراسة تأثير الملوثات والسموم على صحة الأشخاص داخل المباني. ومن أهم الحركات التي ظهرت وتم تطويرها هي حركة بيولوجيا البناء building biology وهي تتبنى مدخل علمي يحتوي على نظرة شمولية للعلاقة بين الناس والمباني، حيث يتم مقارنة المبنى بكائن حي يمثل للإنسان طبقة الجلد الثالثة، والملابس تمثل طبقة الجلد الثانية، والتي تحقق له العزل والحماية، والهدف من هذة الحركة تصميم مباني تحقق للإنسان الاحتياجات الفسيولوجية والروحية على حد سواء، فالمبنى بعناصره وألوانه وحتى بروائحه يجب أن يتفاعل ويتجانس مع كل من السكان والبيئة المحيطة به.