15 سبتمبر 2025
تسجيلرغم صعوبة التوقعات الخاصة بالأوضاع الاقتصادية، وبالأخص تطورات البورصات في ظل الأزمات، إلا أن ما أشرنا إليه هنا في الربع الأول من العام الماضي 2010 والخاص بإمكانية توقف تدهور البورصات الخليجية وبداية تعافيها في النصف الثاني من العام أصبح حقيقة واقعة مع ارتفاع هذه البورصات، باستثناء سوق الإمارات للأوراق المالية والتي استمرت معاناتها لأسباب عديدة. وتشير البيانات المتوفرة إلى أن بورصات البلدان الخليجية الخمسة الأخرى ارتفعت بنسب متفاوتة، حيث تعتبر سوق الدوحة للأوراق المالية الأكثر ارتفاعا بنسبة بلغت %25، تلتها بورصتا السعودية ومسقط بنسبة 8%. وتزامنا مع ذلك، فقد حققت الأسواق المالية العالمية، كسوقي لندن ونيويورك نسب نمو مرتفعة أيضا، وبنسبة 17% لمؤشر "نازدك" و14% لمؤشر "فايننشال تايمز"، أما أعلى ارتفاع على الإطلاق عالميا، فقد حققه مؤشر البورصة الهندية والذي ارتفع بنسبة %30 في العام الماضي. وقد سبق أن تناولنا الأسباب التي تقف خلف التراجع الكبير في أسواق المال الخليجية في عامي 2008 و2009، بحيث وصلت أسعار العديد من الأسهم إلى ما دون قيمتها الاسمية في حالة نادرة لا تعبر عن استقرار وقوة الاقتصادات الخليجية. ومع تجاوز البورصات الخليجية الخمس لمعظم الصعوبات التي واجهتها، إلا أن هذه الأسباب ما زالت قائمة في سوق الأوراق الإماراتية، إذ ربما ساعدت بعض العوامل الهيكلية الخاصة بالسوق في استمرارها، تلك العوامل التي لا تقدم صورة حقيقية لأوضاع الشركات الإماراتية المدرجة والتي يتمتع بعضها بأوضاع مالية جيدة وأداء مرتفع. وضمن العوامل الهيكلية، تأتي مسألة ارتهان السوق لأسعار أسهم قطاع العقارات الذي يقود عملية التداول، وهي حالة نادرة، إذ لا يمكن ربط أداء بقية القطاعات بصورة مباشرة بارتفاع وانخفاض أسهم شركات العقارات والتي ما زالت تعاني من تداعيات الأزمة، حيث أثر ذلك في أداء البنوك بسبب ديونه الكبيرة للقطاع العقاري والتي فرضت عليه مخصصات كبيرة في العام الماضي. وفي الوقت نفسه تفتقر السوق للشركات الإنتاجية، وبالأخص الصناعية منها، مما يجعلها شديدة التأثر بقطاعي العقار والخدمات المتقلبان بقوة في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والتي بحاجة لبعض الوقت حتى تستقر. ومع ذلك، فإن هناك بوادر إيجابية عديدة لإمكانية تعافي سوق الإمارات للأوراق المالية في العام الحالي 2011 والتي يأتي في مقدمتها التوجه الرامي إلى دمج السوقين في سوق واحدة، مما سيقلل من التأثيرات السلبية لأسهم قطاع العقارات، كما أنه سيؤدي إلى إمكانية إدراج شركات جديدة، بما فيها بعض الشركات الصناعية، سواء التي ستقام أو تلك التي ربما يتم طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام. وإضافة إلى ذلك، فإن مخصصات قطاع البنوك للديون المتعثرة سوف تكون أقل بكثير منها في عام 2010، حيث سيؤدي ذلك إلى تحسن أداء البنوك وارتفاع أرباحها في العام الحالي، مما يعني أن سوق الأوراق المالية الإماراتية سوف تتمكن من تجاوز العديد من العقبات التي صادفتها في العام الماضي، كما ستستعيد بعض الأسهم الجيدة التي عاندها السوق وظلمها المتداولون بريقها بعد أن تدنت أسعارها إلى ما دون السعر الاسمي، وذلك رغم أدائها الجيد وتوزيعاتها المجزية. أما بقية البورصات الخليجية فسوف تعزز مكاسبها في عام 2011 وستحقق المزيد من الارتفاعات، يساعدها في ذلك العديد من العوامل والتي يأتي من ضمنها التوقعات الخاصة بنمو الاقتصادات الخليجية وبقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة وسرعة تعافي الاقتصاد العالمي والتي بدأت بوادره مع تعافي البورصات العالمية. لذلك، فإن الفرص الاستثمارية المتوفرة في أسواق المال الخليجية تعتبر جيدة ومواتية، إلا أن ذلك سيتوقف على العديد من العوامل المساعدة، وبالأخص تلك المتعلقة بدخول الاستثمار المؤسسي الذي بدا عازفا عن ذلك في الفترة الماضية، وكذلك بتعزيز الشفافية والوضوح في البورصات الخليجية والتي ما زالت تعاني في هذا الجانب، مما يتطلب دعم هذا التوجه من خلال تطوير التشريعات واللوائح التي تنظم عمل أسواق المال بصورة شفافة وبعيدة عن التسريبات الخاصة بأداء الشركات وأوضاعها المالية وخططها المستقبلية.