19 أكتوبر 2025

تسجيل

فَعدَونا فَلمْ نَسبِق ظِلّنا

08 ديسمبر 2018

جلس الصديقان في حوار فسأل أحدهما الآخر... هل تحب العدو (الجري او الهرولة)؟ قال الصديق الآخر نعم. فأعاد عليه السؤال هل تستطيع أن تسبق ظلك؟ قال لا ولن يحدث.. قال له لماذا ؟.. فرد عليه لأنه مني.. فبعد أن يكون جسدي هو الحائل بين أشعة الشمس والمكان الملقى عليه الظل يرسم ظلي على هذا المكان من كل اتجاه وفي كل لحظة يكون ملاحقاً لي.. قال له وهل يضايقك هذا. ؟ فرد عليه صديقه ربما إذا انتبهت إليه.. قال له هل لو تضايقت منه يمكنك أن تصارعه؟.. فرد عليه تلك هي اللحظة التي اكون فيها قد جننت.. فسأله وهل أنت عاقل ؟.. فأجابه الآن لست عاقلاً.. فسأله: لماذا ؟.. قال لأني أتحاور معك.. فضحك الصديق السائل وقال ليسع صدرك أخي الحببب فلربما استفدتَ من حواري هذا! ثم سأله فإذا لم تتخلص من ظلك وأنت كاره له فماذا تفعل؟ قال له حينها سأسلم بالأمر الواقع وأرضى به عن طيب خاطر وأحتسب هذا الصبر عند الله تعالى. فقال له ماذا لو اختفى ظلك عنك ذات يوم؟. فأجابه هذا معناه أن الشمس قد اختفت.. فليس ثمة شعاع ضوء ليظهر هذا الظل. فقال الصديق السائل إذاً أنت لا تستطيع أن تتخلص من ظلك ابداً طالما طلعت عليك الشمس وهي الدليل على وجود الظل كما قال الله تعالى ( ألم تر الى ربك كيف مَدَ الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) الفرقان آية 45 اي أن لولا أن الشمس تطلع عليه لما عُرف الظل. ثم استطرد كلامه لصديقه فقد أردت أن انبهك إن هناك أشياء في هذه الحياة تلازمنا كالظل فإذا لم توفق أحياناً لا سمح الله، عند البعض تصبح الدنيا سودا كلون الظل مع أن الظل لا تحمله بيديك ولا يمثل عبئاً عليك وإنما أنت لربما تنكرت لوجوده لجوارك وفكرت فيه، كثيراً ولم تتحمل وجوده على أنه خير ورحمة وإنما وطأته بقدميك عمداً. فالهدف من حواري صديقي العزيز أن ما يمكن أن تفكر بأنه عبء عليك ولا تستطيع أن تنفصل عنه. طوعاً ولم تأخذه بطيب النفس، فقد تنكشف أمامك مجموعة من الحقائق. أن كل ما يحدث للانسان في مسيرة حياته من الفقر والجوع والغنى والصحة والنجاح والتوفيق وغيرها هي من قدرة الله ليس بمقدورك أن تنفصل عن شيّء قد كتب عليك إلا بإرادة الله، فمثلاً هل الظل وهو شاهدنا في هذا الحوار. فهكذا أشياء كثيرة نعتقد أنها مزعجة وتريد لو تتخلص منها وإنما هي رحمة أو لحكمة من الله سبحانه وتعالى. فلماذا لا نرضى بكل ما قسمه الله لنا ولو كان يلازمنا كظلنا، لو كنت فقيراً هل تستطيع أن تصارع الفقر وهو يلازمك ؟. واذا صارعته وعملت بجد طوال الليل والنهار ضنك ستحصل على الغنى المناسب وهو ليس مكتوبا لك.. الخلاصة أن عليك أن تتأمل فيما هو ممكن فتجتهد فيه بمنطق مقبول وألا تستعجل الأمور ونتائجها لعل ما لا ترضاه هو لك خير قد قدره الله لك، وأن ترضى بحالك تجتهد لتحسين أمورك وأنت راضٍ. فعليك الا تجري جري الوحوش أو أن تعْدو لتسبق ظلك أو زمنك أي الشيء الذي لازمك ولا ترضاه من الفقر أو الفشل وعدم التوفيق أو غيره، وألا تصارعه من شدة حرصك على التغلب عليه. فمن يصارع ظله أو يحاول أن يتسابق معه مجنون ولا ريب. ومن يصارع القدر أحمق ولكن عليك الأخذ بالأسباب والسعي والأجتهاد الحسن، وترك النتائج لأن النجاح والفشل مرهونان بإرادة الخالق سبحانه. تعلم أنك مهما عدوت فلن تسبق ظلك أو الذي كُتِبَ عليك ولازمك طيلة حياتك، فاطمئن لنصر الله ونم قرير العين.