11 سبتمبر 2025
تسجيللقد كان إشراق شمس الهداية الربانية بمولد مبعوث العناية الإلهية، إيذانا ببدء ثورة شاملة حررت الإنسانية قاطبة وشمل التغيير الأزمنة والأمكنة، ورفعت عن البشرية إصر العبوديات الباطلة والأغلال الكثيرة التي كانت تعيق انطلاقها جميعا، فأخذ الإنسان حريته بيده وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة، فنمت عناصر الخير في كل شيء، فعندما كان احتجاجا قبليا على كل عناصر الخير، وقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدد خطواته نحو الأشرف والأفضل، ووقف المكان يحتضن وينبت الأروع والأنصع ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل، فكان نور الإسلام وهدايته نوراً للبصر والبصيرة ونورا في الدنيا يهتدي به المسلم في شتى جوانب الحياة، ونورا في الآخرة يكون سببا للنجاة من الشدائد، يوم لا ينفع مال ولابنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.فإنه صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة المرتضاة من الله تعالى لكافة البشر، فهو صلوات الله وسلامه عليه جمع الفضائل كلها والمكارم جميعها والمحامد بأكملها، إليه ينتهي الخير وفيه تأصل البر وعلى يديه فاض النور وأشرقت الهداية، وبه أنقذ الله البشرية وأخرجها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الطواغيت إلى عدل الإسلام، فطريق الله تعالى ونوره يجد فيه المرء بغيته من السعادة والرضا الإلهي، وكل هذا الفضل والخير جاء على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشكاة السعادة والهدى ، يقول الله تبارك وتعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبة :128، فأخلاق الحبيب صلى الله عليه وسلم هي ميزة شخصيته الكبرى، فالرحمة عند النبي تعمل عملها في إيجابية سليمة ويتتبع القلب الكبير كل الأسباب التي تجعل الرحمة حقيقة واقعة وسابغة ينعم بها كل إنسان فهو لا يريد بوصاياه وتوجيهاته أن يتحكم فينا أو أن يسوقنا إليه، وإنما تمام رحمته بالناس أن يدفع عنهم الأخطاء ويجنبهم مهاب الريح الباردة واللافحة، فالرحمة بالإنسانية هي التي تشحذ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على خيرنا وعلى مصيرنا، وهي التي تجعله يأمر بالحسنة وينهى عن السيئة، ومن أجل هذا كان يخاف على الناس من ذنوبهم وكان يرى تلك الذنوب كأنها أخطاء داهمة تتهدد حياتهم وسلامتهم.