14 سبتمبر 2025
تسجيللقد أفرزت الحملة الوطنية العراقية على ميليشيات الإرهاب جملة من الحقائق وسلطت الأضواء على طبيعة وشكل تطورات الأوضاع الداخلية ضمن إطار حالة الحرب الأهلية الطائفية المستعرة والتي تداخلت فيها كل الأوراق والملفات وبما جعل من موضوع وملف الحرب ضد الإرهاب تتشوش بوصلته بالكامل وتتجه صوب تصفية حسابات داخلية مؤسفة عن طريق أقدام جماعات الحشد الشعبي الكفائي في مناطق ديالي وشمال شرق بغداد على تفجير مساجد أهل السنة وقتل العديد من الأبرياء وممارسة عمليات تطهير طائفية قذرة استنكرتها المرجعية الشيعية ذاتها! رغم أنها مستمرة ومتواصلة، يضاف لذلك عمليات الخطف والتفجير والاغتيالات المستمرة التي رسمت خطوطا دموية حمراء على كل رمال العراق. لقد نشطت فعاليات المجتمع المدني العراقي والعربي والدولي أيضا بتنظيم حملات منظمة لتجريم وتحريم ومتابعة الميليشيات الطائفية الإرهابية التي نشطت في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ومعظمها واجهات لأحزاب طائفية هي نفسها التي تحكم العراق اليوم، وقد تميز عهد حكومة نوري المالكي بكونه العهد الذي حظيت فيه الميليشيات الطائفية بعناية خاصة من قبل الحكومة التي استعملتها في تنفيذ مآربها الخاصة، واستعانت بها في إدامة زخم عمليات الدعم الحكومي والرسمي العراقي لنظام بشار أسد في مقاومة الثورة السورية في مناطق ريف دمشق أولا ثم في عموم المناطق السورية الثائرة، فكانت ميليشيات (أبي الفضل) و(كتائب حزب الله) و(العصائب) وغيرها من التنظيمات المسلحة التي كانت تدار أيديولوجيا من قبل الحرس الثوري الإيراني وتتمول بأموال وأسلحة الحكومة العراقية وقد تمددت نشاطاتها المسلحة اليوم في العراق بشكل كبير وأضحت سلاحا قويا للأحزاب الطائفية في الحرب الطائفية المستعرة فصولا اليوم في العراق.الجيش العراقي قد أخرج من المعادلة بعد الضربات التي تلقاها في الصيف الماضي وبعد هيمنة قيادات فاشلة مفلسة فاسدة على شؤونه وحتى اليوم ورغم أحاديث الإصلاح والتغيير لحكومة العبادي إلا أن كل المتغيرات كانت شكلية محضة وليست جذرية!، فعناصر الجيش العراقي تقاتل منذ شهرين دون أن تتلقى رواتبها المستحقة! وتشكو من نقص تسليحي كبير، وقد تشتت جهوده عبر تخصيص الآلاف من الجنود العراقيين ليس لمهام قتالية بل لحماية الشخصيات الحكومية، فكل وزير أو مسؤول عراقي كبير يخصص له فوج حماية! أي حوالي 1000 عنصر عسكري!! وهي حالة غريبة وغير مسبوقة في أي دولة في العالم مما أنتج ظاهرة الجنود الأشباح وحيث الأسماء على الورق فقط!! مما خلق وأنتج مؤسسة عسكرية مترهلة فاسدة لا يمكن أن تكون صالحة لمهام قتالية حقيقية!، بينما في المقابل ارتفع صوت وتأثير الميليشيات التي أضحى لها وجودها الميداني الفاعل من خلال المقرات الخاصة والتي تمارس داخلها ممارسات غير شرعية من الانتهاكات والتعذيب وصولا للقتل كما حدث ويحدث في مسجد (براثا) الذي يطلق عليه العراقيون (مسلخ براثا)!! والذي يديره الشيخ المعمم وأحد أقطاب النظام الإيراني في العراق جلال الدين الصغير الذي يحرص على الظهور الدائم بالبدلة العسكرية وفوقها العمامة!! مما يعطي انطباعات طائفية رثة عن الوضع العام، وبرغم حملة العلاقات العامة للأحزاب الطائفية التي تحاول تحسين صورة وسمعة أطراف الحشد الشعبي عبر الاستعانة ببعض شيوخ السلطة الحاكمة وإظهار جماعات الحشد بكونها بريئة مما ينسب إليها! إلا أن وقائع الأمور تؤكد أن الجرائم الطائفية المرتكبة في العراق هي أكبر كثيرا مما يتم الإعلان عنه!!، فانهيار هيبة وسلطة وقوة جيش الدولة لا يعني مبدئيا إلا سيادة الفوضى وانتشار العصابات وفرق الخطف، وتفعيل الإرهاب الطائفي مما ينتج عنه ردود أفعال مضادة من الطرف الآخر المستهدف لتستمر حالة التطاحن العراقية السوداء الكريهة، لو كانت الحكومة العراقية جادة قولا وفعلا لعمدت على الفور لحظر الجماعات المسلحة وتفعيل القانون في مطاردة وملاحقة كل مقترفي الانتهاكات ضد الإنسانية والتعامل بجدية مع التقارير الوطنية والدولية عن ممارسات وجرائم عصابات الحشد الشعبي!! أما التعتيم على الحقائق والتهوين من الكبائر، وحماية الإرهابيين الطائفيين فهو في النهاية يصب في مجرى تسعير نيران الحرب الداخلية، حكومة العراق نسمع منها جعجعة كبرى ولا نرى طبيخا حقيقيا يعيد الأمن والأمان لبلاد الرافدين وحيث تجاور الخرافة الكارثة في تراجيديا سوداء لم تنته فصولها المرعبة بعد!