15 سبتمبر 2025
تسجيلأحمد علي منصور.. اسم لا يحمله رئيس دولة أو مسؤول كبير أو موظف في هيئة الأمم المتحدة.. وإنما يحمله مواطن عادي.. عربي.. من أرض مصر.. لم يكن معروفاً قبل أيام قليلة.. حتى وافته المنية.. حينها أصبح معروفا ليس لأن جديدا طرأ بوفاته.. بل لأن عظيما جاء ليؤدي واجب العزاء لأسرته.. هذا العظيم هو الأمير الإنسان الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر.. والذي لو أطلقنا عليه أمير كل العرب لما اختلف معنا أحد. هذا الأمير الإنسان.. الذي ترك كل مسؤولياته وسافر على وجه السرعة إلى مصر بدون حتى أي ترتيبات رسمية عندما علم بوفاة هذا الرجل يوم الخميس الماضي.. الذي لم يكن يوما سوى أستاذه الخاص للعلوم الاجتماعية قبل خمسين عاما.. نعم لا تندهشوا ولا تستعجبوا.. فقط كان مدرسا له قبل نصف قرن. حينما أتى الأمير الإنسان إلى مصر في هذه الزيارة التي لم تستغرق سوى ساعات قليلة.. لم يزر خلالها أي مسؤول مصري ولم يذهب إلى أي قصر رئاسي.. وإنما انطلق مباشرة من مطار القاهرة الدولي الذي لم يجد مسؤولوه الوقت الكافي لتنظيم استقبال يليق برئيس دولة.. إلى منزل المواطن المصري أحمد منصور في القاهرة وقضى مع عائلته خمسا وأربعين دقيقة يواسيهم ويقدم لهم واجب العزاء.. وبعدها عاد مرة أخرى إلى المطار ليركب طائرته عائدا إلى بلاده. وسائل الإعلام التي واكبت الزيارة فوجئت بها.. فلم يكن أحد يعرف ماذا حدث وما هي التطورات الإقليمية والدولية الكبيرة التي دفعت بأمير قطر إلى القيام بهذه الزيارة السريعة إلى مصر.. هل هي حرب إسرائيلية جديدة ضد حزب الله أو حركة حماس.. أم هي الحرب الأمريكية الإسرائيلية المنتظرة ضد إيران. لكن المفاجأة المزلزلة جاءت لتؤكد أن أياً من ذلك لم يكن السبب في هذه الزيارة.. وإنما شيء آخر بعيد تماما عن السياسة ظاهرياً رغم أنه لبها وقلبها واقعياً.. إنه الوفاء والحب والإخلاص.. ولنقل إجمالا.. إنها الأخلاق.. أخلاق النبلاء.. التي إن وجدت في إنسان فسوف تصنع المعجزات.. وهو ما يحدث الآن في قطر. العالم كله يتحدث الآن عن قطر التي استطاعت هزيمة دول كبرى في منازلة شرف استضافة كأس العالم 2022.. ورغم أن جميع الشعوب العربية وكثيرا من الشعوب غير العربية فرحت فرحاً شديداً لحصول قطر على هذا الشرف إلا أنهم يتعجبون كيف أن هذه الدولة الصغيرة الحجم من ناحية الجغرافيا والسكان قد استطاعت تحقيق ذلك.. ولا شك أن تعجبهم هذا سيزول إذا ما رأوا ما يحدث في قطر الآن من نهضة شملت شتى المجالات ولم تكن فقط في مجال كرة القدم. لم أكن من الذين تفاجأوا بحصول قطر على هذا الشرف.. أو فلنقل بتشريف كأس العالم من خلال تنظيمه في قطر.. فمن استطاع أن يحقق كل هذه الإنجازات في سنوات معدودة ليس صعبا عليه أن يحقق هذا الإنجاز. كما لم أكن ممن تفاجأوا بزيارة الأمير النبيل إلى مصر لتقديم واجب العزاء في أستاذه.. فهو وإن كان إنجازاً لا يقل عن إنجاز استضافة كأس العالم إن لم يكن يعلوه.. إلا أن صاحب تلك النهضة لا يليق به غير ذلك.. فأخلاق النبلاء هي التي تحقق الإنجازات وليس العكس.. وقطر أصبحت عظيمة لأن فيها أميرا عظيما وشعبا طيبا. من المؤكد أن النهضة كل لا يتجزأ.. فما كان لقطر أن تهزم دولة مثل أمريكا أو أستراليا وتحصل على شرف تنظيم هذا الحدث الرياضي الكبير.. ما لم تكن قد حققت قفزات واسعة في نهضتها الداخلية.. وما كان لكل ذلك أن يتحقق بدون وجود أمير يتمتع بأخلاق النبلاء التي تدفعه إلى التفاني في الدفاع عن مصالح شعبه وتحقيق نهضته التي رفعته إلى مصاف الدول التي كانت يوما تسبقه بقرون من التقدم. هنيئاً لقطر أميرها.. وتمنياتنا لكل الدول العربية أن تجد يوماً أميرا نبيلا مثله.