13 سبتمبر 2025
تسجيلاستخدم اليابانيون في الحرب العالمية الثانية فقه الانتحار بصورة وطنية إيجابية، وذلك من خلال إعداد مجموعة من الطيارين "كاميكازي" لتنفيذ هجمات انتحارية ضد سفن الحلفاء في الجزء الأخير من حملة المحيط الهادي. وكان الطيارون الانتحاريون "الكاميكازي" يصطدمون بسفن الحلفاء عمدا بطائراتهم المحملة بالمتفجرات والطوربيدات وخزانات الوقود المملوءة بهدف تفجيرها. وتم تعديل الهدف الذي تم لأجله صنع هذه الطائرات، وهي أن تضرب أو تنقل هذه المتفجرات ثم تعود، إلى إغراق أو الإضرار بأكبر كمية ممكنة من السفن خاصة ناقلات الطائرات، وأصبح ذلك مبررا لهذه الانتحارات الجماعية. لا يمكن إنكار الحاجة الوطنية لمثل هذا الفعل والسلوك الياباني، ففداء الأوطان مطلوب وضروري بأي وسيلة كانت، ولذلك أصبحت كلمة "كاميكازي" تدل على كل العمليات التي يضحي فيها منفذها بنفسه بشكل طوعي من أجل تحقيقها. استدعت ذاكرتي تلك الفدائية اليابانية الخبر الذي نشر أخيرا عن تفجير انتحاري لنفسه بحزام ناسف على الشاطئ قرب فندق بمنتجع سوسة السياحي في تونس، وذلك في وقت تزايدت فيه هجمات متشددين إسلاميين ضد الحكومة منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. هذا انتحاري، وأولئك اليابانيون انتحاريون، ولكن ما الفرق؟ إنه في الهدف، ففي الوقت الذي استرخص فيه اليابانيون أنفسهم لأجل وطنهم وكرامتهم الوطنية، قتل هذا الشاب نفسه بلا هدف أو قيمة أو نتيجة دينية كبيرة أو وطنية، وإنما مارس نوعا من الإرهاب والوحشية ضد أبرياء، بل أضر ببلاده ولم يفدها، فخسرت مرتين، الأولى بخسارته لنفسه والثانية بالنتائج السلبية للجريمة. هل نحن أمة لا تعرف قيمة نفسها أو قيمة النفس التي حرّم الله إزهاقها بغير موطن قتال لإعلاء الراية أو فداء الأوطان وحماية العرض والنفس والأملاك؟ لماذا يموت شبابنا دون هدف؟ بصرف النظر عن فكرة التغرير بهم، هناك جهد مطلوب في تأسيس بنيتهم العقلية لتحميهم من اختراقات التغرير بهم، وذلك واجب الأسرة والمدرسة والدولة، وتخيلوا الآن الفرق في الوعي، فحين انتهت الحرب العالمية لم يعد يوجد في اليابان من يستخدم كلمة "كاميكازي" بحسب مجريات الحرب إلا للإشارة إلى إعصار يقال إنه أنقذ اليابان من غزو أسطول مغولي بقيادة قبلاي خان في القرن الثالث عشر الميلادي، لقد عرف اليابانيون قيمة الحياة والنفس ولم يعودوا ينتحرون بلا مبرر.