11 سبتمبر 2025
تسجيلتتوالى الأحداث والمتغيرات في منطقتنا والتي جعلت منها محط أنظار المراقبين، فقد أعاد التحرك الدولي لمواجهة تنظيم "داعش" أهمية منطقة الخليج الإستراتيجية ودورها في تزويد أسواق العالم على اختلافها على أساس احتياجاتها من النفط الخام، بعيدا عن أي تهديد لاستقرار المنطقة والتأثير على أسواق العالم. وتقوم بلدان الخليج العربي بتصريف غالب نفوطها في أسواق الشرق وهذا ينطبق على السعودية، الكويت والعراق حيث يتم تصريف ما يزيد من 80% من إجمالي مبيعات النفط الخام إلى أسواق الشرق، والاستفادة من فروقات الأسعار حيث تضيف أسواق الشرق ما بين 2 – 4 دولارات للبرميل إلى الإيرادات في أسواق الشرق الآسيوية مقابل ما تكتسبه من بيع نفوطها إلى أسواق أخرى، وطبعاً ينطبق هذا على مبيعات إيران من النفط الخام وإن كان الحظر على مبيعاتها من النفط هو السبب وراء تقلص مبيعاتها واقتصاره على أسواق الشرق، وتقوم الإمارات والبحرين وقطر في تصريف مبيعاتها من النفط الخام على أسواق الشرق. وتشير الخطط المعلنة لرفع الإنتاج إلى أن كافة البلدان خصوصا العراق لديها خطط قيد التنفيذ ترفع من خلالها العراق قدراتها الإنتاجية والتصديرية، ولكن في سوق يتناقص فيها الطلب على النفط في أوروبا واليابان، وتتناقص فيها الحاجة إلى الواردات في أمريكا، يتم تصريف النفط الخام إلى أسواق بعينها في آسيا، مما يعني أن العلامة البارزة للسوق في المستقبل هي التنافس، خصوصا إذا ما اعتبرنا التوقعات خلال الخمس سنوات القادمة والتي تشير إلى أن الطلب على نفط الأوبك سيدور حول 29 مليون برميل يوميا فقط. وتعتبر شركة أرامكو السعودية من أهم اللاعبين في سوق النفط كونها تنتج 10 ملايين برميل يوميا من النفط الخام، وتصدر 6.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام، وتشمل تقريبا كافة أنواع النفط الخام، علاوة على أن لديها طاقة فائضة من الإنتاج تقدر بنحو 2.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام، ولذلك تراقب كافة البلدان المنتجة للنفط تسعير شركة ارامكو لنفوطها بصفة شهرية، لتُحدد بدورها أسعار نفطها بالنسبة للنفط السعودي المشابه بما يحمي تواجدها في السوق المستهدف ويحوز برضا الزبون على أساس علاقة طويلة الأجل، وفي أجواء التنافس يتم زيادة الحسومات الشهرية، وتقديم شروط تعاقدية أفضل وهي تصب في مصلحة الزبون بالدرجة الأولى. ويدخل في تسعير النفط الخام عدة معطيات في سوق النفط، حيث يتم استهداف المحافظة على الأسواق، والتحرك وفق حالة السوق، وحسب المؤثرات لنوعية النفط المستهدف، لأنّ في نهاية المطاف العلاقة ما بين الزبون والبائع هي المراد بناؤها واستثمارها على أساس علاقة شراكة أبدية، خصوصا في أجواء يشتد فيها وتيرة التنافس، وتتركز تجاره النفوط بأنواعها في الأسواق المتنامية، حيث تتوجه النفوط الإفريقية مستفيدة من الفروقات ما بين نفطي الإشارة برنت ودبي، وكذلك النفوط من أسواق أخرى مثل أمريكا اللاتينية وروسيا وغيرها بالإضافة إلى نفوط خليجية. وتعاني سوق النفط حاليا من اختلال في ميزان الطلب والعرض وقد أسهم في ذلك عدد من الأمور (1) استمرار ارتفاع إنتاج النفط الصخري، (2) ارتفاع إنتاج الأوبك وبلوغ متوسط قريبا من 31 مليون برميل يوميا حسب تقديرات وكالة رويترز، وهذا يعكس تعافي إنتاج ليبيا ونيجيريا وإيران بالإضافة إلى استمرار إنتاج العراق دون تأثر بالحالة الجيوسياسية هناك، (3) ضعف الطلب العالمي على النفط مع تباطؤ مؤشرات اقتصادية في أماكن متنوعة في العالم، (4) تأخر بداية فصل الشتاء حيث يتم دعم الطلب، (5) هذا الاختلال هو مقدمة لبناء في المخزون النفطي، (6) استمرار هيكلة نفطي الإشارة برنت ودبي في الكونتانغو مع ضعف مستويات الأسعار الحالية مقارنة مع الأسعار في المستقبل. وفي هذا الإطار صدرت توقعات حديثة للبيت الاستشاري وود ماك في بداية شهر أكتوبر 2014، وتتوقع أن يكون معدل نمو الطلب العالمي على النفط خلال عام 2014 فقط 750 ألف برميل يوميا مقابل الطلب على نفط الأوبك عند 29.6 مليون برميل يوميا، وإذا ما تمت مقارنة الطلب على نفط الأوبك مع الإنتاج الفعلي لنفط الأوبك خلال الأشهر يناير – سبتمبر 2014 والذي بلغ في المتوسط 30 مليون برميل يوميا، أي أن هناك بناء في المخزون في حدود 400 ألف برميل يوميا في السوق وهو ما نحتاج إلى سحبه من السوق لإحداث التوازن ولعل الوضع يسوء إذا ما تمت مقارنة الطلب على نفط الأوبك مع إنتاج الأوبك لشهر سبتمبر 2014 عند 31 مليون برميل يوميا وهو ما يشير إلى فائض بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً، وفي العموم فإن توقعات البيت الاستشاري تشير إلى أن الطلب على نفط الأوبك خلال عام 2015 سيكون عند 29.7 مليون برميل يوميا وهو ما يشير إلى صعوبة الوضع خلال العام القادم أيضا. وأخيراً فإن السوق تشهد اقتراب تشغيل طاقة تكرير جديدة بطاقة تكريرية إجمالية 800 ألف برميل يومياً من النفط الثقيل الخام في المملكة العربية السعودية، وهو أمر ستقوم السوق بمراقبته لأنه يعني أن مبيعات النفط السعودي تنخفض بهذا المقدار مما يصب في صالح السوق والبلدان التي تنتج أنواعا شبيهة في الخليج، ولكن يعني رفع المعروض من المنتجات البترولية في السوق مما يزيد الضغوط على المنتجات البترولية وهوامش أرباح المصافي، ويمثل تحديا لصناعة التكرير والسوق في المديين القصير والمتوسط.