27 سبتمبر 2025
تسجيلفي موضوع مهم وشيق طرحه مركز الابداع الثقافي في الدوحة عن الصحافة الالكترونية، وبدعوة من المركز كنت احد المشاركين في الصالون الثقافي الذي تمت ادارته من قبل الأستاذة موزة آل سحاق والأستاذة ريم الحرمي. وتطرقت في حديثي عن الاعلام الجديد الذي يغزو مجتمعنا ويساهم في تثقيفنا بغض النظر عن اساءة البعض لاستخدامه، واقصد بالاعلام الجديد شبكات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك، وتويتر، واليوتيوب..) والتي انشئت بالأساس للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، إلا أن استخدامها امتد ليشمل أنشطة ومجالات أخرى كالنشاط السياسي والإعلامي، خصوصا في المنطقة العربية. وقد طرحت تساؤلا هل نحن امام إعلام بديل عن الإعلام السائد بصيغه التقليدية "المقروءة والمسموعة والمرئية"؟. — أم نحن أمام نسخة جديدة متطورة من الإعلام التقليدي؟ اعتقد لا هذا ولا ذاك!، بل نحن أمام إعلام جديد، لا يمت بصلة للإعلام القديم. بسبب اختلاف الأدوات والوسائل وعناصر العملية الاتصالية، والاهم تباين البنية المفاهيمية والفلسفية والنظرية بين الاثنين؟ ان مسألة الادعاء بأننا أمام إعلام بديل، هي مسألة خلافية سجالية منذ بزوغ عصر الشبكة المعلوماتية، وخصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة، التي شهدت رواجا هائلا، وضخما للمدونات، ومواقع الشات..الخ، في تلك الفترة، طرح البعض رأيا مفاده؛ إننا أمام إعلام بديل وبالغ أصحاب ذلك الرأي بأن هذه الوسائل الجديدة ستحل بمرور الوقت محل الوسائل القديمة. إلا أن السنوات أثبتت أن الأمر ليس بهذه السهولة. ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام، خصوصا المرئي الفضائي منها، استطاعت مواكبة التطور في الاتصالات، عبر إدخالها الكثير من التقنيات الحديثة، أثبتت تلك الوسائل من خلالها انها تمتلك قدرة التواصل، حتى الآن مع التطورات الإعلامية السريعة. اننا نلاحظ، أن شبكات التواصل الاجتماعي في الأنظمة الديمقراطية، مازالت غير فاعلة سياسيا، بل تعمل وفق نمطها الاجتماعي، الذي أُنشئت من أجله، كشبكات تواصل اجتماعي. والسبب، هو أن وسائل الإعلام التقليدية في تلك البلدان، لا تعاني احتكار الدولة لها، بل هي منفتحة أمام مواطنيها.. وهذا ما يعزز اعتقادي بأننا أمام اعلام جديد وذلك لعدة اسباب الأول: إن اعتماد شبكات التواصل أو عموم فضاء الانترنت، كاعلام جديد، جاء كرد فعل للواقع الاجتماعي والسياسي في المنطقة العربية، وما يفرضه هذا الواقع من قيود وأطر تضييق في مجال التعبير عن الرأي، ونشر الأفكار. الثاني: السيطرة الكاملة لأجهزة السلطة على الوسائل التقليدية في الاتصال والإعلام. فلم تُترك أية قنوات تقليدية للشباب الحر، فتحولت شبكات التواصل إلى ملاذات آمنة لهم. الثالث: القيود الكثيرة الموضوعة أمام إصدار الصحف، وإنشاء الإذاعات، والمحطات التلفزيونية، والتي لا تسمح بظهور إعلام مستقل محايد. الرابع: سهولة الاستخدام، وانخفاض الكلفة فلا يتطلب الأمر من مستخدم تلك الشبكات غير معلومات حاسوبية طفيفة، لكي يقوم بنقل، ونشر وعرض ما يريد، وإرساله إلى نقاط مختلفة بينما مستخدمو وسائل الإعلام التقليدية يفترض أن يكونوا حائزين على مؤهلات خاصة مثل فنون كتابة الخبر والمقال، وطرق التصوير وغيرها. لقد تحولت تلك الشبكات، إلى ما يمكن تسميته بـإعلام الشارع مقابل إعلام السلطة. وبذلك كسرت احتكار الدول للاعلام وتم تبادل الأدوار بين الشارع والسلطة في الخطاب الاعلامي، فقد كان الشارع دائما يأخذ دور المستقبل والمتلقي، بينما بقيت السلطة تمسك بدور المرسل والمؤثر. اما الأن فقد اصبح الشارع في الغالب هو المؤثر. ونسمع احيانا من يطالب بوضع رقابة على هذا الاعلام الجديد حفاظا على المجتمع، وانا في اعتقادي ان فرضت رقابة فكأننا رجعنا الى الاعلام القديم وعصر التخلف.. وما زلنا نتذكر كيف تطورت التكنولوجيا وفشلت الرقابة في متابعتها.. هذا يعني أن الرقابة يجب ان تكون ذاتية وتربوية ودينية نؤصلها في ابنائنا ولا نطلب عودتها لتأخرنا وتعطل التقدم التكنولوجي الذي يحيط بنا.