15 سبتمبر 2025

تسجيل

"التحالف" مع إسرائيل

08 سبتمبر 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); درجت العادة في إسرائيل بأن لا يحفظ قادتها سراً عندما يتعلق الأمر بعلاقات تل أبيب مع القيادات العربية، فيسارعون بتسريب الأخبار للصحافة الإسرائيلية عن لقاءات سرية تجري هنا وهناك، كما وأن إسرائيل تفتح أرشيفها للباحثين ما يضع أمام الباحثين كنزاً كبيراً من المعلومات عن الاتصالات السرية التي تجريها قيادات عربية مع تل أبيب. لكن قلما يتبجح قائد ما في إسرائيل كما يفعل نتنياهو هذه الأيام بأن عددا من القيادات العربية يجرون اتصالات سرّية وهو يستخدم ذلك ليس لفضحهم بل لخلق انطباع واضح مفاده أن إسرائيل لم تعد العدو الأول للعرب وأن هناك من بين العرب من ينظر بعين الإعجاب بالقوة الإسرائيلية وهناك من يبحث عن خلق أرضية مشتركة لمعالجة العديد من ملفات الإقليم. وفي سياق متصل لا يقل أهمية يستخدم نتنياهو الإعلان عن هذه الاتصالات لعلها تغطي على فضائح الفساد المالي التي تطوله كما تطول زوجته سارة نتنياهو، فتكتيك بيع أوهام التقارب مع العرب هو مقصود لعله يفلح في مساعدته في البقاء السياسي الذي بات مهدداً. لن أقف عند التوظيف السياسي الإسرائيلي الداخلي لمثل هذه اللقاءات والاتصالات، لكن السؤال الذي يطرحه أي متابع يتمحور حول القيمة المضافة لمثل هذه الاتصالات، بمعنى كيف سيستفيد العرب الباحثون عن تحالف مع إسرائيل؟ فالأخيرة لا تملك خياراً عسكريا حقيقيا للتصدي لإيران وبخاصة مع الانقلاب في البيئة الاستراتيجية في الإقليم، وفي الوقت ذاته هي غير قادرة على دفع الولايات المتحدة لخوض حرب مع إيران نيابة عنها. فكل طبول الحرب التي دقها نتنياهو لم تغير في إيران شيئا، والحق أن نتنياهو فشل فشلاً ذريعاً في ثني إدارة أوباما عن توقيع الاتفاق النووي كما فشل أيضاً في دفع روسيا وأمريكا إلى أخذ مصالح بلاده كما يراها نتنياهو بالحسبان عندما اتفق الجانبان على الهدنة في الجنوب السوري. ليس المقصود هنا التقليل من شأن القوة الإسرائيلية، فالأخيرة ما زالت قوةً إقليميةً يحسب لها ألف حساب، لكن حكومات إسرائيل تدرك أن تآكلاً ما حصل على قوتها في الردع، ناهيك عن حقيقة أنها لن تشن حرباً ضد إيران بالنيابة عن السعودية على سبيل المثال، ويبدو أن الطرف العربي المتحمس لإقامة تحالف مع إسرائيل لم يستبطن بعد البنية الذهنية الإسرائيلية التي لا تتردد عن استخدام أي وسيلة بما فيها الدول الأخرى لتحقيق مصالح إسرائيل الأمنية والاستراتيجية. حتما ستستفيد إسرائيل من إقامة علاقات جديدة مع دول عربية ذات وزن وستسعى لتوظف ذلك في سياق حربها المستمرة ضد الوجود الفلسطيني في فلسطين. فإسرائيل باتت منشغلة بأسئلة ديمغرافية مصيرية ستزحف إلى الواجهة في السنوات القلية القادمة ولا يبدو أن اليمين الإسرائيلي وحكومته قادران على معالجة هذه الأزمة القادمة إلا في إطار شراكات تبحث عنها مع أطراف عربية مؤثرة. ويبقى الدور على هذه الأنظمة العربية التي تعلي من قيمة التحالف السري مع إسرئيل لتشرح لنا كيف يمكن أن تكون هذه الاتصالات ربحاً صافياً لها، فلو أقيمت هذه التحالفات واللقاءات والتفاهمات السرية من أجل مساعدة الفلسطينيين ومن أجل إقناع إسرائيل بأن السلام العادل هو مصلحة الجميع بما فيهم الإسرائيليون لفهمنا، ولو كانت هذه الاتصالات في سياق اللعب على تناقضات المجتمع الإسرائيلي لتمكين القوى التي يمكن التفاهم معها الوصول إلى السلطة لقلنا أن هناك تكتيكا عاليا ينفذ، أما أن يتم تقديم الفلسطينيين كبش فداء لقاء أوهام التأثير الإسرائيلي فهذا أمر يندرج في سياق الكوميديا السوداء.