17 سبتمبر 2025
تسجيلربما يتبادر إلى الذهن عند قراءة العنوان أن إسرائيل أو الولايات المتحدة أو الغرب بصفة عامة، هم أخطر أعداء مصر، بالنظر إلى الاختلاف الحضاري والديني الذي كان السبب وراء الصراع الغربي الإسلامي طوال القرون الماضية، والتي كانت مصر في القلب منه. لكن الحقيقة أن العنوان لم يكن المقصود به أعداء الخارج بل أعداء الداخل، الذين يمثلون الأدوات التنفيذية لمخططات الخارج، ولولاهم لما استطاع هذا الخارج تحقيق أيا من أهدافه. والكارثة الكبرى هي تحول أعداء الداخل، ليس فقط إلى مجرد خونة يسعون لتنفيذ مخططات أعداء الخارج، لكن أيضا إلى أعداء بذواتهم، لديهم عقيدة تحمل عداء لمصر ليس له حدود.. حتى أصبحوا بالفعل ألد وأخطر أعداء مصر. ولو نظرنا إلى الماضي وتحديدا إلى العقود الستة الماضية، سنعرف من هم أعداء مصر الحقيقيون، الذين حكموها ونهبوا ثرواتها وحولوها إلى مجرد قزم تابع للولايات والمتحدة وربيبتها دولة الاحتلال الصهيوني. هؤلاء الذين تكونت لديهم عقيدة راسخة جعلتهم يمنعون أي تطور ممكن لمصر، على اعتبار أن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى انتهاء حكمهم، وبالتالي وجب عليهم مواجهته بكل قوة، إلى الدرجة التي جعلتهم يضعون الخطط لهدم مصر، ولا ينتظرون حتى يخطط أعداء الخارج لهم. وقد ظهر ذلك جليا حينما اندلعت ثورة يناير، حينما فعلوا كل ما يستطيعون من أجل وقف امتداد هذه الثورة إلى كل فئات الشعب المصري، وحصرها في بعض الميادين في القاهرة ومدن أخرى، مرورا بإطلاق أذرعهم السياسية والاجتماعية والإعلامية والأمنية من أجل القضاء عليها، وهو ما تسبب في مذابح كبيرة. وحينما تأكدوا أن الأمر صار أكبر من مواجهته بالوسائل التقليدية، لجأوا إلى حيلة جديدة تمثلت في الإطاحة برئيسهم مع استمرار سيطرتهم الفعلية على السلطة وعدم تسليمها لمنتخبين من قبل الشعب مهما حصل. وحاولوا خلال الفترة الانتقالية تطبيق سياسة "فرق تسد" بين القوى الثورية للقضاء عليها واحدة تلو الأخرى، وقد نجحوا في ذلك بالفعل. ورغم تسليمهم السلطة رسميا إلى رئيس مدني منتخب إلا أن عملية التسليم كانت صورية، حيث استمرت سيطرتهم الفعلية على مفاصل الدولة التي تم استخدامها من أجل إفشال الرئيس. خاصة بعد أن تيقنوا أن هذا الرئيس يعمل لمصلحة تقدم البلاد ورفعتها، حينها أحسوا بالخطر الشديد لأن هذا كان يعني ابتعادهم عن السلطة إلى الأبد. فكان لا بد من التحرك عاجلا من خلال التخطيط للانقلاب العسكري واسترجاع السلطة الصورية مرة أخرى، ولكن عبر استخدام ظهير شعبي يحول هذا الانقلاب إلى ثورة ثانية تماما كما فعل الانقلابيون في عام 1952. ورغم نجاحهم في تنفيذ الانقلاب، إلا أن المعارضة من جانب التيار الإسلامي ومؤيدي مرسي كانت أكبر مما توقعوا، فلجأوا إلى استخدام استراتيجية "الصدمة والترويع" عبر ارتكاب مذابح غير مسبوقة في تاريخ مصر، من أجل بث الرعب، ليس فقط لدى أبناء التيار الإسلامي، ولكن أيضا لدى كل الشعب المصري حتى يتقبل ما تمليه إرادة الانقلابيين. لقد أثبتت الأحداث المتتالية منذ انقلاب 1952 وحتى ثورة يناير، ثم الأحداث المتلاحقة بعدها خاصة بعد انقلاب 3 يوليو الماضي، أن أخطر أعداء مصر هي المؤسسات التي كانت تسيطر على الحكم واعتبرت نفسها أكبر وأعظم من الدولة والشعب المصري، وأن مصلحتها فوق الجميع حتى لو أدى ذلك إلى تدمير الدولة والمجتمع وإبادة الشعب بأكمله. ولذا يجب على الشعب المصري إذا أراد الإفلات من هذه الدائرة المغلقة التي فرضها عليه الانقلابيون منذ عام 1952 وحتى الآن، أن يقوم بكسر الانقلاب وتحطيمه تماما، ثم التخلص من هذه المؤسسات وإعادة بنائها من جديد وفق أسس وطنية تقوم على أن الشعب هو السيد وأن هذه المؤسسات مجرد خادم لديه.