16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يبدو من الناحية الإستراتيجية أن نهاية هذا العام ستكون مشابهةً لبدايته من حيث صلابة مواقف العرب وتأثيرهم في القضايا الإقليمية، والحال أن النظام العربي لا يزال ممزقا ومخترقا وتنافسيًا. ومع أن النظام العربي كان دائما هكذا غير أن المشكلة تظهر بشكل أكبر في ظل التحول في مواقف القوى الدولية وانعكاس ذلك على فرص العرب في دفع الأذى عن مصالحهم الحيوية. الراهن أن المستوى الدولي يشهد تغيرات كبيرة، فسيناريو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون كارثيا على أوروبا من حيث قدرتها على التأثير، والراهن أن القوى الرئيسية في الاتحاد الأوروبي ستصب جل جهودها على التعامل مع التحديات التي جعلت من أوروبا قوة تتصدع، وهي بهذا المعنى ستقارب مشاكل الشرق الأوسط وهي محدودة التأثير.بالمقابل، يمكن إطلاق تعبير تحالف الأمر الواقع بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، فهناك حرص كبير لدى الدولتين على محاربة الإرهاب والعمل على إيجاد مخرج سياسي للأزمة برمتها في حين ترتفع حظوظ بشار الأسد في البقاء. فكل الرهان على موقف إدارة أوباما في المساهمة في تمكين الشعب السوري في الإطاحة بنظام الأسد لا يستقيم مع تردد الرئيس أوباما وضعفه في إدارة ملف سوريا.ويبدو لافتا هذه الأيام أن الحل أيا كان شكله لن يمر إلا من البوابة الروسية الأمريكية، وهو أمر بدأ المجتمع الدولي باسبتطانه جيدا، وهذا يقودنا إلى المستوى الإقليمي واستدارة الدولة التركية قيد التشكيل والتي أخذت شكل المصالحة مع إسرائيل وروسيا. ولا يمكن فهم استدارة الرئيس أردوغان نحو موسكو وتقديمه اعتذارا كان يعلن جهارا ونهارا بأنه لن يقدم عليه إلا دليلا على تبدل في الأولويات وانتصار منطق الدولة على أحلام الرئيس أردوغان.كل ذلك يجري في وقت لا تزال فيه إيران تحكم قبضتها على بغداد وتتلاعب بالحكم هناك، وهي في طريقها إلى إنشاء ميليشيا على غرار حزب الله في العراق، ناهيك عن التدخل السافر في سوريا بشكل مباشر وعن طريق وكيلها اللبناني حزب الله. والحق أنه يصعب الحديث بنوع من الجدية عن أي حل سياسي في سوريا دون أخذ إيران ومصالحها بالحسبان. فإيران التي توظف الورقة الطائفية بشكل مدمر والتي تمارس التنمر والاستقواء نتيجة للاتفاق النووي لقيادة أوباما المترددة (التي استندت إلى مزيج من إدارة الظهر للحلفاء والمساهمة بالتمكين الشيعي في المنطقة) ترى بأن هناك فرصةً تاريخية لتقويض مخرجات سايكس بيكو بما يحقق مصالحها الفارسية في المنطقة.تبقى إسرائيل بمنأى عن ارتدادات الثورات العربية غير المكتملة، فهي تشعر بأمان غير مسبوق وترى بأن التهديدات التقليدية ولّت إلى غير رجعة وهي تحاول الدخول إلى الإقليم كلاعب مؤثر دون تقديم أي تنازلات حقيقية للفلسطينيين. فهي تستفيد من الانطباع الدولي بأن التطرف هو "سني" وأن مصر منشغلة في تحديات داخلية إذ يرى الرئيس السيسي أن عدوه رقم واحد في الإقليم هو الإسلام السياسي سواء أكان معتدلا أو متطرفا.كل ما تقدم يعني أن الإقليم سيشهد صعودا غير مسبوق لقوى إقليمية، وهنا الحديث عن إيران وتركيا وإسرائيل! فهي قوى ستحتل مكانا بارزا على الطاولة في حين يصعب الحديث عن طرف عربي قوي يمكن أن يمارس دورا مؤثرا أو مهيمنا على مقاليد الأمور التي تمس الإقليم العربي. والحق أن حالة الانكشاف العربي وصلت إلى نقطة يندى لها الجبين ولم يبق إلا منظومة دول مجلس التعاون الخليجي التي تشعر بشيء من التماسك رغم المقاربات وأولويات الدول الأعضاء.ولنكن صريحين، هناك في الغرب من بدأ يطل برأسه متهما دولا بعينها بأنها تسهم في صناعة التطرف، وأي نظرة سريعة إلى كبريات الصحف الأمريكية تكشف عن تحولٍ ما في النظرة الأمريكية للمنطقة وربما حري بنا أن نتذكر تصريحات هيلاري كلينتون (الرئيس القادم المحتمل) بعد حادث أورلاندو والتي ألقت باللوم على دول عربية. وبصرف النظر عن حقيقة هذه التصريحات إلا أن علينا أن نتعامل معها ونأخذها على محمل الجد ونحن نفكر في صياغة مواقف عربية تعود بالنفع على المنطقة وشعوبها.بتقديري هناك جملة من التحديات التي ستواجهها الأنظمة العربية في قادم الأيام وبخاصة بعد التغير في الإدارة الأمريكية، لكن حتى نكون على الطاولة على الأقل أن تكون دولة عربية رئيسة على الطاولة، علينا أن نبدأ بالتفكير مليا في التنسيق العربي وبناء تحالفات من أجل مواجهة المهمة الأصعب وحجز مكان مرموق في النظام الجديد الآخذ في التشكل وتأجيل الخلافات الثانوية التي لن تنفع أحدا في نهاية المطاف.