15 سبتمبر 2025

تسجيل

الدولة العراقية المختطفة.. أين حراس الرئيس؟

08 يوليو 2015

وسط قعقعة السلاح، وهدير الطائرات وقصف الصواريخ وأصوات نصال السكاكين وهي تحز الرقاب البريئة، ومع بيانات الثأر الطائفية الساخنة، ووعود الحكومة (بتحرير) الأراضي والمحافظات والقرى التي خرجت عن سيطرتها منذ أكثر من عام، ومع الهزائم العسكرية المريرة والانشقاق المجتمعي الذي تمثل في انهيار جدار الوحدة الوطنية بفعل سياسات التكتل الطائفي وتقزم الدولة المريع الذي جعلها تتضاءل بحدة أمام عناصر وقيادات ميليشياوية رثة، تسير أمور العراق نحو أسوأ منعطفاتها التاريخية الحادة، معيدة للأذهان كل حكايات وروايات وخبايا المرحلة المظلمة التي عاشها بعد انهيار خلافة بني العباس أمام جحافل المغول والبرابرة ومن ثم خضوع العراق لمرحلة الضياع لدول الخرفان السود والبيض والكيانات العشائرية ومن ثم الاحتلالات الأجنبية من فارسية وعثمانية وهي المرحلة التي استمرت لقرون عديدة قبل أن يعود العراق للساحة بعد الاحتلال البريطاني ومتغيرات مرحلة ما بعد الحرب الكونية الأولى عام 1921. اليوم يقف العراق أمام واحد من أخطر منعطفاته التاريخية الذي تتحدد على عناصره ومؤشراته ومتغيراته مسألة استمراره كدولة وكيان، أو انتهائه وتحلله وتلاشيه وخروجه ممزقا من رحم معادلة إدارة الصراع الدولية الشرسة التي لا تعرف الرحمة، وحيث يقف اليوم عاريا بالكامل في ظل سلطة فاشلة أدمنت الفشل الذي تحول لهوية سياسية دامغة للأحزاب الطائفية التي فشلت فشلا ذريعا زمن المعارضة السابق، إذ لولا المعادلة الدولية والتدخل الغربي والأمريكي ما تسنى لعناصر تلك المعارضة أن تدخل العراق سياحيا لا أن تحكمه. وبما أن الميدان هو الفيصل الحاسم في تقرير الأمور والمسارات، فقد أثبتت تلكم الأحزاب الطائفية الرثة عن فشلها وخوائها بفشل تجربتها الحاكمة المريع والذي جعل العراق اليوم يقف على أعتاب، بل في قلب مرحلة التقسيم والتلاشي والانهيار التام، تصوروا قادة فاشلين بامتياز دمروا البلد وأجهزوا على إمكاناته وشرشحوا قدراته من أمثال رئيس الحكومة السابق نوري المالكي بدلا من تقديمه للمحاكمة كما هو معمول في الدول الديمقراطية والمحترمة، فإنه يرفع للأعلى ويتحول لنائب رئيس جمهورية ويمارس نشاطات سيادية ليس مؤهلا لها. فمكانه الطبيعي قفص المحكمة وليس قصر الحكم، ولكنها الطائفية الرثة التي قلبت كل الموازين في عراق يزحف على بطنه من الفشل المريع. العراقيون اليوم وهم يخوضون حروب داعش وماعش.. والغبراء وما بينهما من فرق الخرافة والضلالة والتخلف والعدمية باتوا يتندرون بمأساوية على سلسلة كوارث متوالية، لعل من أطرفها مأساوية هو ضياع وفقدان أربعة من عناصر الحماية الرئاسية الخاصة بطاقم حماية رئيس جمهورية المنطقة الخضراء فؤاد معصوم، وحيث خرج أربعة عناصر من حمايته لقضاء الخالص في محافظة ديالى الملتهبة والمحتقنة طائفيا ولم يعودوا أبداً وقيل إنهم تعرضوا لخطف من عناصر الحشد الطائفي الموالية للسلطة ولكن المعادية للأكراد وهم شركاء في السلطة والذين ينحدر منهم رئيس الجمهورية بحكم التحاصص الطائفي اللعين. مؤسسة الرئاسة بهيلمانها عاجزة عن تحديد مكانهم، فضلا عن عدم القدرة على استرجاعهم، وحيث دخلت مسألة غيابهم في دوامة الغيبة الصغرى، ولكن تأكد مبدئيا أن عناصر من الحشد الشيعي هي التي اختطفت عناصر الحماية الرئاسية، بل طالبت عوائلهم بدفع فدية بلغت 250 ألف دولار ثم نزلت بعد المفاوضات لستين ألف دولار دون ضمان حياتهم، كل ذلك يحدث والرئاسة غائبة ولا تعلم عن مصير عناصر حمايتها التي باتت بحاجة ماسة لحماية، مما يؤكد الصورة الرثة القائمة في العراق ويرسخ أن السلطة الكاملة باتت طوع بنان قيادة الحشد الشعبي والتي بضربة انقلابية واحدة تطيح بحكومة بغداد، وتلك من طبائع الأمور الحتمية والمؤجلة انتظارا لتوفر ظروف دولية وإقليمية مناسبة لإعلان دولة الولي الإيراني الفقيه في العراق. ما يحدث من مهازل وكوميديا عراقية سوداء قد تجاوز كل حدود المنطق ودخل في مجال الميتافيزيقيا المفرطة.. فليس عناصر الحماية الرئاسية هم المختطفون فقط، بل إن الدولة العراقية برمتها أضحت ضحية لاختطاف العصابات الطائفية الأقوى من الدولة متزعزعة الأركان بقياداتها المهترئة. من يفك أسر العراق؟