14 سبتمبر 2025
تسجيللقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطورة السب والردّ على الآخرين بما يُسيئُ لي قبل أن يسيئَ لهم، فخُلُق الشتم والقذف ليس من شِيَم المسلمين، ومَن يفعل ذلك فقد خالف قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» متفق عليه، واللفظ للبخاري. أي أن من شاتمك لا تردُّ عليه بالشتم بل قُل إني صائم، وتجنَّبه حتى لا تقع في شِبَاك السبِّ بسبب ضغوطاته عليك وسعيه في مجادلتك، ابتعد عنه وذكِّر نفسَك بالصيام عن مثل هذه الأفعال. قال بعض السلف: "إن أهون الصيام، الصيام عن الأكل والشرب" وإنما الصيام الحقيقي عن الغيبة وعن السبِّ أو الشتم أو عن نظرٍ محرَّم أو عن استماع محرَّم، فكيف يكون الإنسان صائمًا عن الأكل والشرب وهو ينظر إلى حرام؟! وكيف يكون الإنسان صائمًا عن الأكل والشرب وهو يتكلم بالحرام، يتكلم بالغيبة أو بالبهتان؟! أو يسبُّ أو يشتم! ينبغي أن يكون الصائم على وقار وسكينة، وعلى أدب وخشوع، لكن بعض الناس إذا صام تتغير أخلاقه، فلا يتحمَّل كلمة، يكون دائمًا غضبان وربما سبَّ وشتم ولعن. فكيف يا عباد الله؟! أيكون هذا صياما؟! يكون صائمًا عن الأكل وعن الشرب وعن هذه المفطرات ثم هو يقع في كبائر الذنوب! هذا لا يجوز. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا بِالْفَاحِشِ، وَلَا بِالْبَذِيءِ». حديث صحيح والمقصود ((بالفاحش)) فاعل الفحش أو قائله، قيل أي: الشاتم. والظاهر أنَّ المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره، فهناك أناس عافانا الله وعافاكم يتخيَّرون من الألفاظ أسوأَها عند الشتم، ((ولا البذيء)) وهو الذي لا حياء له، وإنَّ شرَّ الناس من يبتعد عنه الناس لفُحشِه، فعلى كل مسلم وخاصة في رمضان أن يعوِّد لسانه على نطق الكلام الطيب، ولا يتلفظ بلفظة سيِّئة تؤذي الآذان. فمهما كان الصوم فيه صعوبات، وتحمُّل لعدم الشرب أو الأكل، فهذا لا يعني أن تتلفظ بألفاظ سيئة، بل عليك بالصبر والتحمُّل، وألا تحركك الأحداث للخروج بلفظةٍ سيئة، ويُرى ذلك واضحًا على المدخنين، فمع حُرمة التدخين يدخل البعض نفسه في حُرمة أخرى وهي الفحش في القول، وهذا متوقع، فالدخان والنيكوتين إذا اعتاد عليه الجسد، صار في حاجة إليه شديدة، وهذا سيجعل الصدرَ ضيقًا وغير متحمل لأبسط الأحاديث، ولا بد لأسرنا أن تعين بعضها على ذم هذه العادة القبيحة حتى تقام أسرة قويمة محافظة، فما يُلفظ من قول أو حديث إلا لديه رقيب عتيد يُسجِّل ما نقول وما تُخرِجه ألسنتنا. فكن حريصًا على لسانك ولا تضيِّع حسناتك هباءً، بل وتبدلها سيئاتٍ لمجرد لفظ لا يستحق.